:: ا لمستخدمي الانترنت السلام عليكم و رحمة الله و بركاته المرجو من أعضائنا الكرام إعادة التسجيل من جديد و شكرا لكم
  أخي الكريم أختي الكريمة
maghribchat - الحب ,و. .للمزيد
  Home .الرئيسة
  الفاتحة
  سورة البقرة
  اعرف نبيك
  معاني القرآن
  الأنشطة الدعوية
  يا أمّة اِقرأ
  chat
  حوار دافئ
  الفلاشات - القصص
  للنساء فقط
  حجاب المرأة
  حجاب المسلمة
  مفاسد قيادة المرأة للسيارة
  أهذا حـبـاً
  Arabic keyboard
  للعاشقات
  الفتاة والانترنت
  الفتاة العربية
  ضحايا الإنترنت
  الذئاب لا تعرف الوفاء
  عشر وصايا للفتاة
  ثلاثون سبباً للمعاكسـة
  السكانر الفاضح"
  ناظور اليوم
  إعلانات تجارية
  لإزالة الضغط النفسي
  الغذاء و الشفاء ؟
  فكر و ذكر
  فكر. و. .للمزيد ...
  قلب
  ا لصحة والسلام
  فضيحة و نصيحة
  في قلب الله
  .... الكنز الحقيقي...
  love
  Kontakt
  الحب و العلاقات
  الحب ,و. .للمزيد
  صورة و عبرة
  قصة و رقصة
  قصة,و. .لمزيد
  و. .لمزيد .و.قصة .د
  . .لمزيد ..قصة .د
  صوت الصمت
  film. الفلم
  هامة
  خطير.coca cola
  محاضرات عامة
  أفلام هامة
  home
  Titel
  Ti
  T.......
  engles
  Translations
  Bookmark & Share
  تعليم الصلاة
  الرقيـــــة الشرعيـــَّــة
  الرقية الشرعيّة
  fi l9arib in ch allah aykon
  samir
  Titel der neuen Seite
  القرآن
  أبهى فتاة
  neuen Seite
  abc
  الزكاة
  اللغةَ العَربيةَ
  123
  كلمة الموقع
  wan
  12
  13
  14
  15
  16
  17
  001
  99
  127
  Forum
  w1y
  mm
  لماذا تحبس عني مشاعرك أيها الزوج
  كلمة إلى العرس والعرائس
  حياة زوجية بلا مشكلات
  السعادة الأسرية.. لماذا؟!
  الروح والريحان
  ترجمة القرآن
  ليلة الزفاف
  مدافعة الشبهات
  مغامرات المراهقين
  foto
  تفسير الأحلام
  تفسير الأحلام ...تتمة
  تفسير الأحلام ..تتمة
  00
  sami
  sami1
  200
  300
  KK
  لحفظ الفلاش اضغط هنا بزر الفارة الأيمن ثم أختر حفظ باسم fay_s

لماذا يؤلمنا الحب و يعذّبنا؟

الحب يؤلمنا لكي يعلّمنا....
الحب يؤلم ويعذّب قلب كل حبيب وعاشق....
لأنه يشق الطريق إلى السعادة والفرح الفائق...
الحب يؤلم ويوجّع لأنه يُغيّر الحال ويقطع الأوصال...
إنه طفرة خطيرة لم تكن أبداً في الحُسبان والبال...
وكل تحويل فيه ألم كبير مثل ألم القتيل...
لأنك تتركُ القديم من أجل الجديد المستحيل...
والقديم آمن ومألوف وأليف... الجديد رهيب ومجهول ومخيف...
سيجعلك هذا تُبحر في محيط شاسع دون خريطة ودون تجديف...
 
في هذا الضّياع لن تستطيع استخدام فكرك أو الدماغ... الجديد يطلب منك الوَعي واليقظة، لا الحفظ والتفكير.... أما القديم يكفيه الفكر الفقير، والفكر أصلاً لا يمكنه أن يعمل إلا في الأشياء الماضية الميتة الهامدة... ولهذا يأتي خوف رهيب...
 
إنك تترك عالمك القديم الآمن المريح، الذي تعوّدتَ عليه واتّكلتَ عليه...
فأتى الألم والصريخ...
هذا الألم يشبه ما يشعر به الطفل الصغير عندما يغادر رحم أمه... يشبه ألم الطير عندما يخرج من البيضة... ويشبه ألمه عندما يحاول لأول مرة أن يفردَ الجناح ويطير على التيسير....
 
ستشعر بوَخزة ونَخزة في القلب... وخوف وقلق في الفكر...
خوفٌ من المجهول واستفقاد لأمان المعلوم...
المجهول غير مضمون ولا مأمون...
 
ولأن عملية التحويل هنا تحدث من حالة النفْس إلى حال اللانفْس... إلى ذوبان النفس والذات والكيان...
لهذا تجد أن المعاناة تصل إلى أعماق الوجدان...
 
لكن.... لا يمكنك الحصول على المحصول دون عذابٍ على الأصول... الكرب يسبق الفرَج... ودائماً إذا أراد الذهبُ أن يذهب إلى النقاء والصفاء يجب أن يمرّ في وهج النار الحامية.......
 
والحب أشد النار والنيران وأسطع النور والأنوار....
 
بسبب ألم الحب بقيَ ملايين الناس يعيشون أو يموتون حياةً خالية من أي ذرة حب... لا تعتقد أنهم مرتاحون... بل هم أيضاً يعانون... لكن معاناتهم عقيمة دون قيمة...
 
معاناة الحب فيها معاني واختبارات وليست عقيمة لأن فيها أعظم جوهرة وأغلى قيمة... معاناة الحب فيها إبداع الخلق والولادة في كل لحظة.... توصلك إلى مستويات أعلى من الوعي واليقظة...
 
المعاناة دون حب هي هدر وتبذير لا يقودك إلى أي مصير... تُبقيك تدور وتدور في حلقة مفرغة ويستمر الشخير.....
الإنسان الخالي من الحب مهووس ونرجسيّ ومُغلق على نفسه...
لا يعرف إلا نفسه... ولكن كم يستطيع أن يعرف نفسه إذا لم يكن قد عرف الآخر؟
 
الآخر هو فقط الذي يمكن أن يعكس نفسَك إلى نفسِك مثل المرآة...
لن تعرف نفسك أبداً دون معرفة الآخَر للآخِر...
 
الحب أساسي جداً لمعرفة النفس أيضاً... إن الذي لم يعرف شخصاً آخر في عمق بحر الحب وبقوّة العشق والهيام... في نشوة مطلقة سامية من الهوى والغرام... لن يكون قادراً على معرفة مَن هو... لأنه فقدَ المرآة التي تُريه انعكاس نفسه وروحه... وبقي يعيش في عالم الأحلام والأوهام...
 
العلاقة مع الآخر هي مرآة.... وكلما كان الحب أنقى وأعلى وأقوى، كانت المرآة أفضل وأنظف وأوضح... لكن الحب النقيّ الصادق يتطلّب منك أن تكون منفتحاً... أن تكون ليناً وهشّاً أمام رياحه العاتية...
عليك أن ترمي دروعك وأسلحتك وهذا مؤلم وأليم في الصميم...
عليك أن تطرد الحراس الذين يحرسونك ليل نهار...
عليك أن توقف فكرك وحساباته وتحليلاته والأفكار...
عليك أن تُغامر وتُخاطر وأن تعيش بخطورة مذعورة...
وهنا يستطيع الآخر أن يؤذيك، ولهذا هناك خوف من الاستسلام والتسليم للحب...
ويستطيع الآخر أن يرفضك أنت وحبك، وهذه خوف عظيم من خوض غِمار الحب...
 
انعكاس نفسك الذي ستجده في الآخر قد يكون فظيعاً وبشعاً...
لهذا ينبع القلق ويقول لك: اهرب فوراً وتجنّب المرآة!
لكنك يا صديقي بهروبك من المرآة لن تصير أجمل.......
بهروبك من هذه الحالة لن تنمو وتسمو فوق هذا الاختبار...
لذلك من الضروري قبول التحدّي، وإنْ خِفتُم من شيء فادخلوا فيه...
 
على المرء أن يبدأ بالحب... لأنه الخطوة الأولى إلى الرب...
ولا يمكنك تجاوز أول خطوة وإكمال الدرب...
هؤلاء الهاربين بالملايين من الحب والحنين... لن يصلوا إلى الله نبع الحب الأكبر ونور العالمين...
 
الحب أساسي وضروري جداً... لأنك لن تدرك اكتمالك وجمالك إلا إذا شعّلكَ وولّعكَ حضور الآخر بالنور.... إلا إذا نميَ وقويَ حضورك وسطعَ نورك بلقاء الآخر، فخرجتَ من نرجسيّتك وانطوائك وتقوقعك....
من غرفتك وزنزانتك المغلقة إلى السماء الفسيحة المطلقة....
 
الحب سماء واسعة وشاسعة... عندما تُحبّ، ستفرُد جناحيك وتطير... لكن طبعاً السماء اللامحدودة مخيفة وممدودة....
وأن ترمي "الأنا" عندك أمرٌ مؤلم جداً.... لأننا جميعاً تعلّمنا وعُلّمنا أن نُغذّي الأنا ونُنمّيها... حتى صِرنا نعتقدها الكنز الوحيد الفريد... وكنّا ولا نزال نحميها ونزيّنها... نصقلها ونلمّعها... وعندما يأتي الحب ويطرق الباب... شو يا أحباب؟؟؟
 
كل ما يلزم للوقوع والارتفاع في الحب... هو أن تضع الأنا على جنب...
وهذا بالتأكيد مؤلم ويجرح الشخصية والهيبة والكرامة ويكسر الرأس...
هذه الأنا المستفحلة كالسرطان هي نتاج عملك وكل حياتك ودراستك ومنصبك وشهاداتك... هذا كل ما صنعتَه بذاتك... هذه "الأنا" البشعة... أي فكرة: "أنا منفصل ومفصول ومعزول عن الوجود"...
هذه الفكرة بشعة لأنها غير حقيقية... فكرة مزيّفة وهميّة...
لكن كل مجتمعاتنا موجودة ومبنيّة على هذه الفكرة الغبيّة:
أن الشخص هو شخص، لا حضور ونور.... ونسينا أنتم نور العالم... نور من نور....
 
الحقيقة تقول أنه لا يوجد أي شخص في كل هذا العالَم!!!
هناك فقط حضور هائم منثور كالعطور...
وجود ونور السماوات والأرض والعوالم....
أنت غير موجود.... بل أنت وجود...
لا يوجد أنا مفصولة عن الكون بحدود...
أنت جزء من الكون والكون جزء منك... وانطوى فيك العالم الأكبر....
الكون يتنفّس من خلالك... وينبض في قلبك وأوصالك...
 
الحب يعطيك أول تجربة من التناغم مع شيء مختلف عن الأنا التي فيك...
الحب يعطيك أول درس ويعلّمك أنك تستطيع الرقص والانسجام مع شخص آخر... مع كائن جديد لم يكن أبداً جزءاً من "الأنا"....
 
إذا كنتَ واستطعتَ أن تتناغم وتترافق مع امرأة.... مع رجل... مع صديق...
إذا تناغمتَ مع ولدك أو مع أمك... لماذا لا يمكنك التناغم مع كل البشر؟
وإذا كان التناغم مع شخص واحد يعطي كل هذه الغبطة والفرح...
فماذا سينتج من تناغمك مع كل إنسان؟
وإذا استطعتَ أن تتناغم مع كل الناس... فلماذا لا تستطيع أن تتناغم مع الحيوانات والطير والأشجار؟
 
عندها خطوة ستقود إلى خطوة.... والخطوة تُوصل إلى الجَلوة....
 
الحب سلّم.... يبدأ بشخص واحد وينتهي بالأحد الواحد...
 
الحب هو البداية.... والله هو النهاية...
 
الخوف من الحب ومن آلامه المُتعاظمة سيُبقيك مسجوناً في زنزانة مظلمة... وهذا هو الإنسان الحديث المسجون في الظلام والحديد...
النرجسيّة هي الهاجس الأعظم للفكر الحديث الغير واعي... والهاجس يجلب عدة هواجس ومشاكل دون معنى ودون داعي....
 
هناك مشاكل فيها إبداع واكتشاف وكَشف... بلاء وإشارة وجَلاء... لأنها تقودك إلى وَعي أعلى وأسمى... وهناك مشاكل لا تقودك إلى أي مكان... بل ببساطة تُبقيكَ مربوطاً ومحدوداً في حيرتك وتشويشك الذي تحمله معك من زمان...
 

 
الحب يصنع المشاكل... الحب أبو المشاكل!! ومِن الحب ما قَتَل....
 
تستطيع تجنّب تلك المشاكل بالهَرب من درب الحب...
لكن هذه المشاكل أساسية وضرورية جداً للحياة والممات...
عليك أن تواجهها وتلاقيها ملاقاة... عليك أن تعيشها لتخترقها ثم تتجاوزها فتكتشف المكافآت...
ودائماً طريق التجاوز يمرّ خلال المشكلة ولا يقفز فوقها هارباً....
 
الحب هو الشيء الوحيد الحقيقي في الحياة... الوحيد الذي يستحق منك الاستحقاق... وما عداه كل الأشياء ثانوية قليلة الأهمية... إذا كانت تساعد الحب فلا بأس منها وعليها... كل أمور الحياة هي مجرد أدوات... كلها لخدمة الحب الذي هو نهاية بحدّ ذاته وبداية اللانهاية... فلا تهتم بأي ألم، وادخل في الحب وعالم الأحباب...
 
إذا لم تدخل في الحب، كما قرر ملايين الناس، ستبقى معلّقاً مربوطاً بنفسك...
ولن تكون حياتك رحلة حج ونمو وعطر.... لن تكون حياتك نهراً يسير إلى البحر...
بل ستكون بِركة ومستنقعاً راكداً ونتناً، وقريباً لن يبقى فيها إلا الوسخ والوحل.
 
لكي يبقى المرء نظيفاً، عليه أن يستمرّ وينهُر ويتدفق باستمرار....
وهذا هو النهر الحي المتدفق أبداً.... وجريانه هذا يُبقيه عُذريّاً طاهراً اليوم وغداً...
 
كل العاشقين عُذريّين بتوليّين أنقياء وسيبقون على ذلك الصفاء...
أما الناس الذين لا يُحبّون، لا يستطيعون البقاء في الطهارة والنقاء...
عاجلاً قبل آجلاً سيصبحون هامدين جامدين... لا يوجد أي مكان يذهبون إليه... فتتحوّل حياتهم إلى موت وأنين...
 
هذه هي حياة الإنسان الحديث المسكين....
 
وبسبب هذا نجد أن كل أنواع العُصاب والاكتئاب والأمراض النفسية وأنواع الجنون أصبحت واسعة الانتشار والدمار...
الأمراض النفسية صارت تنتشر مثل الأوبئة المُعدية... قديماً من النادر أن تجد أحداً مريضاً نفسياً... الآن من النادر أن تجد أحداً سليماً نفسياً!!! وتحوّلت الأرض بكاملها إلى مشفى مجانين ويا ربّ تعين....
 
البشرية كلها تُعاني نوعاً من مرض العُصاب والأعصاب... يأتي من انغلاقك وجمودك النرجسيّ مع حالك....
 
كل شخص عالق بأوهامه الخاصة به، ويظنّ أن له نفساً منفصلة وهكذا يجنّ الناس من أول أساس... وهذا الجنون تافه بلا معنى ولا فنون ولا ولادة ولا سعادة طيلة الحياة... أو يبدأ الناس بالانتحار... وتلك الانتحارات أيضاً خالية من المضمون والمعنى يا مصون...
 
وقد لا تنتحر بشُربك للسمّ أو القفز من أعلى السطح أو إطلاق الرصاص على نفسك... لكنك تستطيع الانتحار ببطء شديد... وهذا ما يحدث ونراه منتشراً على كل صعيد...
 
قليل من الناس ينتحرون بسرعة ومباشرة... لكن الأكثرية قرروا الانتحار البطيء غير الجريء... يموتون درجةً درجة، من خلال الغذاء السيئ والتدخين والإرهاق وإلى ما هنالك من أساليب الانتحار بالتقسيط...
وأصبح الميل للانتحار منتشراً في كل الكون ويُهدد في كل لحظة بالدمار والانفجار.
 
هذا أسلوب للموت لا للحياة... والسبب الأساسي لهذا هو نسياننا للغة الحب.... أفلا تتذكّرون؟..... ولم تعد عندنا الشجاعة الكافية لخوض المغامرة والمخاطرة التي تُدعى: الحب.....
 
ولذلك...... تجد أن الناس مهتمّون ومشغولون بالجنس...
لأن الجنس ليس مخاطرة... شيء قصير مؤقت لا يأخذ منك انشغال البال والتورّط وتخربط الأحوال...
الحب انشغال واهتمام والتزام... شيء غير مؤقت... حالما تنمو جذوره يمكن أن يستمر إلى الأبد... طيلة فترة الحياة وأبعد حتى من لحظة الممات...
 
الحب يحتاج إلى المودّة والألفة والتقارب والحميميّة...
فقط عندما تكون في وِدّ وقُرب من الآخر يمكنه أن يصبح مرآةً لك، لترى صورتكَ واضحة ونقيّة....
 
عندما تلتقي جنسياً وغريزياً مع الرجل أو مع المرأة، لا تكون قد التقيتَ أبداً...
بل في الواقع تكون قد هربتَ متجنّباً روح الشخص الآخر... لقد استخدمتَ جسد الآخر وهرَبت... والآخر استخدمَ جسدَك وهرَب...
بهذا لن تتآلفَ وتقتربَ منه ولن يبوح لك بوجهه الحقيقي وروحه وأسراره الأصلية الأصيلة....
 
الحب أعظم الألغاز والألغام والأسرار والأنوار...
مؤلم... لكن لا تتجنّبه...
 
إذا تفاديتَه تكون قد خسرتَ أعظم فرصة للنمو....
فادخُل فيه... في معاناته اللذيذة... من خلال المعاناة تأتي أعظم سعادة ونشوة في الحياة...
 
نعم... هناك آلام شديدة... مثل غصّة الموت... لأن عليك أن تموتَ
كـ "أنا" لتستطيع أن تُبعَث وتُولد من جديد ويحيا الله فيك وتحيا أنت
في الله مع الله وبالله...
 
والحب سيعطيك أول مذاق وتذوّق للحكمة والاستنارة....
الحب سيعطيك أول إثبات وإشارة بأن الحياة ليست دون معنى ومغزى... إن الناس القائلين بأن الحياة دون معنى هو هؤلاء الذين لم يعرفوا الحب والمغنى... وكل ما يقولونه يدلّ على أن الحب مفقود من حياتهم...
 
اسمح للألم واسمح للمعاناة بالقدوم والظهور....
اعبُر عبرَ الليلة المظلمة وستصل إلى شروق النور...
 
دائماً تُولد الشمس وتتفجّر من رحم الليل المظلم...
 
الحب أعظم شيء تتعلّمه في الحياة...
إنه أقدس قداسة وأطهر طهارة...
تستطيع نسيان الله، تلك مجرد كلمة مكونة من أربعة حروف وقد لا تعني لك شيئاً حالياً... تستطيع نسيان العبادات والصلاة لأنها مجرد معتقدات وتقاليد متنوّعة فرضها الآخرون عليك....
 
الحب هو طريق القلب إلى الربّ.... هو الصلاة والصّلة الطبيعية الفطريّة المولودة معك دون أن يفرضها عليك أحد...
الحب هو الله الحقيقي... الله محبة والمحبة هي الله... وليس إله رجال الأديان واللاهوت الذين صنعوه على فكرهم وهواهم، إله البوذيين أو المسيحيين أو الهندوسيين أو غيرهم من الثلاثمائة دين...
 
 
الحب وسيلة أصيلة... طريقة لقتلك كفردٍ منفصل مستقلّ، ولوَصلك بالصَّمَد الخالد المستمرّ...
 
أنت الآن قطرة ماء... ادخُل في الفناء وتحوّل إلى محيط....
لكن عليك في البداية أن تدخل من باب الحب....
 
وطبعاً عندما تبدأ قطرة الماء بالتبخّر والتلاشي والفناء من أجل اللقاء... وعندما يكون المرء قد عاش طيلة حياته كقطرة... سيأتي ألم عظيم... لأنه كان يفكر:
"أنا قطرة ماء مميّزة في إناء مميّز وفاخر... والآن أنا أموت وكل هذا سيزول ويذوب"....
 
لا تخف أبداً فأنت لا تموت....
مجرّد هذا الوهم والهمّ يموت في صمت وسكوت...
لقد أصبحتَ مُقيّداً محدوداً بالوَهم...
لدرجة كبيرة تعتقدها حقيقة...
لكن الوهم لا يزال وهم....
 
 
فقط عندما تختفي منك الأحلام والأوهام....
سترى مَن أنت ويدخل إلى قلبك النور والسلام....
 
 
هذا الكَشف الإلهي النُّوارني والبَوح المشروح...
سيوصلك إلى أعلى قمم الاحتفال وسعادة الروح...
 
 

أربع خطوات للحب
 

  

 
      
هناك نوعان من التسليم والاستسلام
الأول هو استسلام الضعفاء الأذلاء
أي عندما تكون مجبوراً ومقهوراً وعليك أن تستسلم
وهذا شيء بشع، لا تسمح له أبداً بالحدوث...
من الأفضل أن يموت المرء على أن يستسلم بالقوة.
 
لكن هناك نوع آخر مختلف تماماً من الاستسلام،
لا تكون فيه مجبوراً بل هائماً مسروراً
راغباً ببساطة بالاستسلام ومستمتعاً بهذا الذوبان...
وهذا هو الحب...
عندما تشعر من تلقاء ذاتك بالانصهار والاندماج والاتحاد
مع شخص ما أو مع الوجود.
 
طبعاً، الحب يبدأ دائماً كعلاقة وارتباط... وهذا شيء طبيعي.
أول خطوة من الحب هي العلاقة...
وثاني حالة هي التواصل...
وهناك فرق شاسع بين الاثنين.
 
في العلاقة تقوم باستثناء كل الناس وتركز على شخص واحد...
تركز كل أحاسيسك واهتمامات قلبك عليه...
لكن كل تركيز يؤدي إلى حبس الحبيب العزيز!
 
البداية بهذا الحب المقيّد أمر مقبول،
لكن على المرء ألا يستمر بالعيش في الحبس والجِبس...
 
الحب يبدأ كسجن، كعلاقة أحادية خصوصية بين شخصين...
كلاهما مساجين وسجّانين...
كل شخص مسجون بالآخر وفي ذات الوقت يسجنه أيضاً...
لعبة جميلة! لكن عليك ألا تبقى هناك لكي لا تضيع حياتك.
على المرء أن يتعلم الدرس بحُلوه ومرّه، بجماله وبشاعته...
ثم يجب رمي البشاعة والاحتفاظ بالجمال...
 
وهذا هو التواصل:
أن ترمي كل شيء بشع في الحب والعلاقات،
مثل الاستملاك والتقييد والتخصيص والتحديد
والسيطرة والشك والوعد والوعيد،
أي كل جهد لقتل حرية الآخر...
عندما تتخلص من كل هذا ويصبح حبك مجرد تواصل،
أقرب إلى الصداقة أكثر من العلاقة،
يمكن أن يكون عندك عدة أصدقاء، وعدة أحباب أيضاً...
وعلى المرء أن يبدأ بالنمو والسمو من  واحد إلى عدد أكبر،
لكن هذا أيضاً ليس الهدف.
 
الحالة الثالثة هي عندما يكون الحب مجرد صفة...
لستَ متعلقاً بشخص ولا بعدة أشخاص...
الحب هنا يشبه التنفس... صار طبيعتك الدائمة...
لذلك أي شخص يتواصل معك سيصله حبك.
هذه هي الحالة الثالثة وقليل جداً من الناس وصلوا إليها..
وهناك حالة رابعة وصل إليها قليل جداً جداً جداً من الناس
يمكن عدهم على الأصابع.
 
الحالة الرابعة تكون عندما يكون كيانك كله حب...
ليس صفة بل صار وجودك ونبض حياتك...
ونيستَ كل شيء عن الحب!
لقد أصبحت الآن حباً نقياً.. لذلك لا حاجة لتذكره...
وهل يُذكر إلا الغائب؟...
أنت الآن تتصرف انطلاقاً من الحب، ببساطة وطبيعية وعفوية...
 
في هذه النقطة الرابعة يستسلم المرء للوجود وتزول الحدود.
 
في البداية تستسلم إلى شخص، لكن هناك شرط::
عليه هو أيضاً أن يستسلم لك... لذلك الاستسلام هنا ليس كلياً.
 
في الحالة الثانية تستسلم لعدة أشخاص،
وهي أفضل من الأولى لأن الاستسلام فيها ليس مركزاً،
فيه حرية أكثر، وقد نمت له أجنحة وأبعاد جديدة.
 
في الحالة الثالثة أنت ببساطة مستسلم للوجود،
للأشجار والجبال والنجوم وكل ما هو موجود.
 
في الحالة  الرابعة تصير أنت الاستسلام بحد ذاته....
وهنا الحب والاستسلام لهما نفس المعنى والمضمون...
وهذه هي حالة الاستنارة والوصول الأعلى..
التي وصل إليها الأنبياء والأولياء.
 
لا شيء أعلى من هذا... ومَن حقق هذا حقق كل شيء...
حقق غاية حياته الأسمى...
اكتفى وامتلأ قلبه بالرضى...
لقد وصل إلى البيت والمثوى...
 
 
 

       
                                                                                                                                                                                                                                        
محبة بلا علبة

الحب هو الحرية الوحيدة من كل تعلّق وعبودية

عندما تحب كل شيء لن تتعلق بأي شيء
 
...إذا صار الرجل سجيناً لحب المرأة
...وإذا صارت المرأة سجينة لحب الرجل
عبودية السجين لا تليق بتاج الحرية الثمين
 
أما إذا صار الرجل والمرأة كياناً واحداً بالحب
لا ينفصلان ولا يتمايزان...
فهذه أعظم جائزة ينالها الإنسان
 
كتاب مِرداد لميخائيل نعيمة من أجمل الكتب التي أحبها... مرداد هو شخصية خرافية، لكن كل قول وفعل لمرداد مهم جداً.... يجب ألا تقرأها كرواية بل ككتاب مقدس وربما الكتاب المقدس الوحيد.. ويمكنك في هذه المقولة أن ترى مجرد لمحة من رؤية مرداد ووعيه وفهمه...
إنه يقول: الحب هو الحرية الوحيدة من كل تعلّق وعبودية... لكنك دائماً تسمع وتعتقد أن الحب هو التعلّق والرباط الوحيد، كل الأديان تتفق على هذه النقطة والفكرة.
 
الحب هو الحرية الوحيدة من كل تعلّق وعبودية
عندما تحب كل شيء لن تتعلق بأي شيء
 
في الواقع، على المرء أن يفهم ظاهرة التعلق بحد ذاتها...
لماذا تتعلق بشيء ما؟ لأنك تخاف أن تفقده... ربما يقوم أحد ما بسرقته...
وخوفك هو أن ما يوجد لديك اليوم قد لا يوجد غداً.
 
لكن مَن يعرف ماذا سيحصل في الغد؟ الرجل الذي تحبينه أو المرأة التي تحبها يمكن لأيّ منهما أن يتحرك وقد تصبح أقرب إليه أو أبعد...
قد تعودان مجدداً غريبين عن بعضكما، أو قد تصبحان متحدين معاً لدرجة لا يمكن أن نقول أنكما اثنين... طبعاً هناك جسدان لكن قلباً واحداً يخفق فيهما بأغنية وإيقاع واحد، والنشوة تحيط بكما كغيمة ربيعية فتختفيان فيها تماماً: أنت لستَ أنت، وأنا لستُ أنا...
يصير الحب كلياً وعظيماً، غامراً وفائضاً، بحيث لا يمكن أن تبقى كما أنت: عليك أن تُغرق نفسك وتغوص ثم تختفي...
 
في ذلك الاختفاء، مَن سيبقى هناك ليتعلّق، ومع مَن؟؟؟
 
عندما تتفتح زهرة الحب بكامل رونقها يصير كل شيء كما هو ببساطة.. كل شيء موجود دون شرح أو فكر... والخوف من الغد لا يظهر أبداً، لذلك لا يظهر أي تعلق، ارتباط أو امتلاك، زواج، ولا أي نوع من العقود والعبودية.
 
ما هي زواجاتكم كلها؟ هل هي أكثر من عقود عمل؟ مؤسسة زوجية؟
 
"يا سماحة الشيخ أو سعادة القاضي، نريد الزواج ونحن نقسم ونلتزم ببعضنا البعض أمامك"... أنت بهذا تهين الحب!!! أنت تتبع القانون، وهو أدنى وأبشع شيء في الحياة.
 
عندما تجلب الحب إلى المحكمة، فإنك ترتكب جريمة لا تُغتفر... تأخذ تعهداً أمام قاضي المحكمة أنه: "نريد أن نتزوج وسنبقى متزوجين، هذا وعدنا لك وللقانون: لن ننفصل ولن نخدع بعضنا أبداً"....
هل تظن أن هذا ليس إهانة كبيرة للحب؟
ألستَ تضع القانون فوق الحب؟
 
الإنسان ليس بحاجة لأي شرائع ووصايا
وأنا لا أؤمن بأي قانون...!
إنني أحب... فلا حاجة للقانون
القانون موجود للذين لا يعرفون كيف يحبون
القانون مخصص للعميان، ليس للذين عندهم عينان
القانون مخصص للذين نسوا لغة القلب ولا يعرفون إلا لغة الفكر
 
مقولة مرداد ذات قيمة عظيمة ويجب أن تفهمها بعمق، ليس فكرياً فقط، وليس عاطفياً فحسب لكن دع كل كيانك يشربها ببطء:
 
الحب هو الحرية الوحيدة من كل تعلّق وعبودية
 
...لأنك عندما تحب لا يمكنك حتى أن تفكر بأي شيء آخر.
 
عندما تحب كل شيء لن تتعلق بأي شيء
 
كل لحظة تجلب معها نوراً وعطراً جديداً، أغاني ورقصات جديدة لترقصها... قد يتغير المشاركون بالرقصة لكن الحب يبقى.
 
التعلق هو الرغبة بأن الشريك يجب ألا يتغير مطلقاً.. ولذلك عليك أن تقسم أمام المحكمة وتلتزم أمامها وأمام المجتمع وكل الشكليات الغبية المنتشرة... وإذا مشيت عكس تلك الشكليات ستخسر كل الشرف والاحترام في عيون الناس الذين عليك أن تعيش معهم.
 
الحب لا يعرف شيئاً من التعلق لأن الحب لا يعرف أي إمكانية للهبوط من السمو والكرامة والقداسة... الحب هو الشرف بحد ذاته وهو كل الاحترام الحقيقي في الحياة، ولا يمكنك أن تفعل أي شيء ضده... أنا لا أقول أن الشركاء لا يمكن أن يتغيروا، بل أقول أن ذلك لا يهم: إذا تغير الشركاء لكن بقي الحب كنهر يجري ويتدفق، عندها سيكون هناك حب في العالم أكثر بكثير مما يوجد اليوم.
 
الحب اليوم ليس نهراً، بل حنفية!
تقطر نقطة... نقطة... نقطة...
لذلك لا يمكنه إرواء عطش أي أحد...
الحب يحتاج لأن يكون هائلاً كالمحيط،
ليس كنقاط الماء من الحنفية العامة
وكل الزواجات مجرد حنفيات!
 
الحب هو الله... شيء كوني واسع وشاسع...
الحب لا يدعو فقط بعض الأشخاص للاحتفال، بل إنه يدعو الشمس والقمر والنجوم والأزهار والطيور، والوجود كله مدعوّ ليأتي ويحتفل ويجود.
 
الحب لا يحتاج لأي شيء آخر... ليلة شاعرية مليئة بالنجوم، ماذا يمكنك أن تطلب أكثر؟ فقط بعض الأصدقاء وستجد أن الكون كله صديقك أيضاً.
لم أصادف أي شجرة تعاديني أو تتكلم ضدي...
رأيت كثيراً من الجبال العالية لكن أياً منها لم يكن عدواً لي!
كل الوجود هو بيتك وأمك الأرض التي تصادقك وتحميك وتحبك.
 
عندما يتفتح فهمك للحب فلا يوجد أي أثر للتعلق أبداً... حتى الفكرة لا يمكن أن تظهر... يمكنك أن تستمر بتغيير شركائك وذلك لا يعني أنك تهجر أو تتخلى عن أي أحد... ربما تعود مجدداً لنفس الشريك ولا يوجد أي أثر للتحيز أو التمييز.
 
على المرء أن يفهم نفسه كأنه طفل لا يزال يلعب على شاطئ البحر يجمع الأصداف والأحجار الملونة ويستمتع جداً كأنه قد وجد كنزاً كبيراً...
إذا استطاع المرء أن يستمتع بالأشياء الصغيرة في الحياة، وأن يعيش بحرية ويسمح للآخرين أن يعيشوا بحرية، يمكن أن يصير هذا العالم عالماً مختلفاً تماماً...
عندها سيمتلئ بالجمال والبركة، سيمتلئ بنور كبير مشرق...
نور يشع من كل قلب موقد على النار....
 
وحالما تعرف ما هي هذه النار، ستستمر ألسنة شعلتها بالنمو
شعلة الحب تنمو كما تنمو الأشجار، وكذلك تجلب الأزهار والثمار
 
لكن الذي تعتقده حباً ليس بحب... لذلك تجد ظهور تجارب غريبة:
يقول لك أحدهم: "ما أجملك! إنني أحبك كثيراً، ولا يوجد أي امرأة مثلك في الكون كله"... وأنتي لا تعترضين أبداً وتقولين مثلاً:
"ليس لديك حق بقول هذه العبارة، لأنك لا تعرف كل نساء الكون"....
عندما تقال مثل هذه العبارات الجميلة، ينسى المرء أنها غير منطقية.
ولم تسألي الشخص الذي قال لك: "أنا أحبك".....
"ما هو الحب؟ هل تعرف، أم أنك دون معرفة بدأت تحب؟ ما هي أسبابك؟"
عندها سيبدو ذلك الرجل غريباً جداً وسيحاول الهرب بأقرب فرصة، لأن المحبين لا يفكرون أنه عندما تقول لشخص ما: "ما أحلى قلبك يا حبيبتي" فعليك أن تشرح ماذا تقصد: "ماذا تعني بهذا؟ هل تذوقتَ قلباً ما من قبل؟ ماذا تعني؟ هل تعتقد أنني شيء حلو وشهي قابل للأكل!؟"
الناس عندما يحبون بعضهم يقولون: "أريد أن آكلك من كثرة ما أحبك"... ولا أحد يعترض: هل أنت آكل لحوم بشر أم مجنون؟
 
هذه الأشياء يتعلمها الناس من الأفلام والروايات وكل هذه الحوارات التي لا تعني أي شيء... بل كلها تعني ببساطة: "هيا بنا إلى السرير!"
لكن لأننا أناس متحضرون، لا يمكنك بدون إشارات وتقديمات ومقدمات أن تقول مباشرة لأحدهم: "دعنا نذهب إلى السرير".
سوف تركض المرأة إلى الشرطة وتشتكي عليك: هذا الرجل قال لي شيئاً مؤذياً وبشعاً جداً...
 
لا يحدث هذا، ولكن إذا أخذتَ طريقة "متحضرة": ادعوها إلى بعض المثلجات، التي تبرّد القلب، اجلب بعض الأزهار والهدايا، وتحدث بعض الكلام الناعم الحلو بلا معنى، بعدها سيفهم الشخصان أنهما سينتهيان بالصداع في الصباح التالي، وسينظران إلى بعضهما بغرابة وإحباط: ماذا كنا نفعل معاً في السرير؟
عندها سيختبئ أحدهما وراء الجريدة، وكأنه يقرؤها، والآخر سيبدأ بتحضير الشاي أو القهوة، لمجرد نسيان ما حصل...
 
 
بعدها يقول مِرداد:
...إذا صار الرجل سجيناً لحب المرأة
...وإذا صارت المرأة سجينة لحب الرجل
عبودية السجين لا تليق بتاج الحرية الثمين
 
في اللحظة التي يصبح الحب فيها تعلقاً، يصبح الحب علاقة...
في اللحظة التي يصبح الحب فيها حاجة ومطلب، يصبح سجناً...
لقد دمّر الحرية، لا تستطيع الطيران في السماء لأنك في القفص الآن.
المرء يتساءل، وأنا خصوصاً أتساءل بيني وبين نفسي.
الناس يتساءلون عني، ماذا أفعل دائماً في بيتي لوحدي؟
وأنا أتساءل عنهم، ماذا يفعل هؤلاء الناس باستمرار مع بعضهم طوال الوقت؟
أنا لوحدي، على الأقل هناك سهولة في الحياة، ولو كان أي شخص معي فهناك مشكلة ولا بد أن هناك شيء ما سيحصل... الآخر موجود والصمت لا يمكن أن يستمر: لا بد أنه سيقول أو يسأل شيئاً ما، يجبرك على القيام بفعل ما... وفوق كل هذا، إذا بقي الشخص ذاته معك دائماً يوماً وراء يوم....
 
إن الذي اخترع السرير المزدوج كان من أكبر أعداء البشرية... حتى في السرير لا يوجد حرية!.. لا يمكنك أن تتحرك لأن الآخر بجانبك، وغالباً يحتل معظم السرير وستكون محظوظاً إذا قدرت أن تجد فسحة لك، وتذكر، الآخر يستمر بالنمو والتضخم.
 
عالم غريب فعلاً... تستمر النساء بالتضخم ويستمر الرجال بالتقلص... والخطأ كله يعود إلى الرجل، هو الذي يجعل امرأته تسمن وتحمل وسيأتي المزيد من المشاكل.
حالما تضع شخصين ذكر وأنثى معاً، ستفاجأ أن الثالث سيصل بسرعة، وإذا لم يصل سيقلق عليكما الجيران: "ما القصة؟ لماذا لم تجلبا أي طفل إلى الآن؟"
 
لقد عشتُ مع كثير من الناس في عدة أماكن.. ودائماً أفاجأ... لماذا الناس متلهفون جداً لصنع المشاكل للآخرين؟
إذا كان الشخص غير متزوج، يقلقون ويقولون: "لماذا لا تتزوج؟"... وكأن الزواج قانون وسنة الكون وعلى الجميع أن يتبعها دون سؤال.
وتحت تأثير الضغط والتعذيب من كل الناس، يفكر المرء أنه من الأفضل أن يتزوج، على الأقل سيتوقف هؤلاء الناس عن ملاحقتي وتعذيبي... لكنك مخطئ يا صديقي: حالما تتزوج سيبدأ السؤال الثاني: "متى سيأتي طفلك الأول وماذا ستسميه يا أبو فلان؟"
 
هذه فعلاً مشكلة صعبة، وليس في يدك أن تجلب طفلاً، قد يأتي أو لا يأتي، وسيأتي في موعده الخاص به... لكن كل الناس يلاحقونك لتجلب الطفل.
ويقولون: والله البيت ليس بيتاً بدون طفل... هذا صحيح
لأن البيت سيكون معبداً صامتاً ورائعاً بدون الطفل، ومع الطفل سيتحول إلى مشفى مجانين! وستتضاعف المشاكل مع المزيد من الأطفال.
 
إنني أجلس بصمت في غرفتي معظم حياتي، لا أزعج أحداً، ولم أسأل أبداً أي شخص: "لماذا أنت غير متزوج؟ لماذا لم تلد طفلاً بعد؟".... لأنني لا أعتقد أن هذه الأسئلة تدل على الحضارة، بل هي تدخل في حرية الآخر.
 
يستمر الناس بالعيش مع زوجاتهم وأطفالهم، ولأن حضور أي شخص جديد يدخل في العائلة سيخرب عدة أشياء، فإنك تلقائياً تصير أقل حساسية.
تسمع أقل، تشم أقل، تتذوق وترى أقل....
ستفاجأ عندما تعلم أنك لا تستخدم كل حواسك بكل شدتها وإمكانياتها... لهذا عندما يقع شخص ما في الحب لأول مرة، يمكنك أن ترى كيف يبرق وجهه، وكيف يمشي بحيوية ورقصة، ثيابه مكوية جيداً وحتى ربطة عنقه مربوطة بفن متقن!.. لا بد أن شيئاً ما حدث له.
لكن ذلك لا يستمر كثيراً... بعد أسبوع أو اثنين يعود الملل ذاته من جديد، وسترى الغبار بدأ يتراكم... انطفأ النور، وعاد يجرّ نفسه جراً على الطريق...
الأزهار لا زالت تتفتح كل يوم لكنه الآن لا يرى أي جمال...
النجوم تستمر بمناداته ومناجاته لكنه لا ينظر إلى سماء المساء...
 
هناك الملايين من الناس الذين لم ينظروا إلى الأعلى، وعيونهم ملتصقة بالصمغ إلى الأرض وكأنهم يخافون من سقوط نجمة ما عليهم...
قليل جداً من الناس يحبون النوم تحت السماء المرصعة بالنجوم... بسبب الخوف من الظلام أو الوحدة أو الفراغ الواسع...
 
وملايين من الناس يحملون شعوراً عميقاً دائماً، بأنهم لو بقوا وحيدين، لو أنهم لم يهتموا أبداً بالحب والزواج.... لكن الآن لا يمكن عمل شيء.. لا يمكن العودة للخلف وضغط زر التراجع للعودة إلى حياة العزوبية.
وفي الواقع، قد تكون أصبحت معتاداً جداً على السجن، لدرجة أنه لا يمكنك تركه... مثل المساجين في سجن الباستيل في فرنسا...
السجن نوع من الأمان، مريح، رغم أنه تعيس...
غطاؤك مهترئ.. لكن السرير المزدوج... على الأقل لستَ وحدك في تعاستك وهناك شخص يشاركك فيها دائماً...
لكن الحقيقة هي: شخص ما يصنع لك التعاسة وأنت بدورك تصنعها له.
 
الحب عندك يجب أن يكون من النوع الذي يعطي الحرية، وليس سلاسل جديدة لك...
حبٌّ يعطيك أجنحة ويساعدك لكي تحلّق عالياً في الأجواء بأعلى ما تستطيع...
 
أما إذا صار الرجل والمرأة كياناً واحداً بالحب
لا ينفصلان ولا يتمايزان...
فهذه أعظم جائزة ينالها الإنسان
 
كتاب مرداد هو من الكتب التي ستعيش للأبد، طالما هناك إنسان واحد على قيد الحياة على هذه الأرض... لكن الكاتب قد نُسي تماماً... مرداد هو مجرد اسم لبطل خرافي والكاتب هو ميخائيل نعيمة ولا يهم اسم الكاتب. كتابه عظيم وأعظم منه... حاول طيلة حياته أن يكتب شيئاً مماثلاً وفشل رغم كتابته عدة كتب.
 
إذا فهمنا الحب كلقاء بين روحين... ليس مجرد لقاء جنسي بيولوجي بين الهرمونات الذكرية والأنثوية، عندها يمكن للحب أن يعطيك أجنحة عظيمة، يمكن أن يعطيك بصيرة خارقة في الحياة... ويمكن عندها ولأول مرة أن يصبح الحبيبان أصدقاء... وإلا الحالة المعتادة الدائمة أنهما عدوان متنكران.
 
الأديان وما يسمى برجال الدين الذين زهدوا وهربوا من الدنيا، الجبناء الغير قادرين على مواجهة الحياة، سمّموا كامل فكرة وهدف الحب: الحب هو الله وأن دين الحب هو الدين الوحيد... لقد أدانوا الجنس، ومع إدانتهم للجنس أدانوا أيضاً الحب، لأن الناس يفكرون أن الجنس والحب لهما نفس المعنى.
 
ليس لهما نفس المعنى أبداً... الجنس هو جزء صغير جداً من طاقتك الحيوية... والحب هو كيانك بكامله وكل أجزائه، الحب هو روحك...
عليك أن تتعلم أن الجنس هو ببساطة حاجة للمجتمع والعرق البشري ليتجدد ويستمر... يمكنك أن تشارك به إذا أردت، لكن لا يمكنك أبداً تجنب الحب.
في اللحظة التي تتجنب فيها الحب، يموت كل الإبداع عندك وتصبح كل حواسك معطلة، ويتجمع عليك الغبار من كل الجهات.... وتصير الميت الحيّ!
نعم، تتنفس وتأكل وتتحدث وتذهب إلى عملك في المكتب كل يوم إلى أن يأتي الموت ويحررك من الملل الذي حملته طيلة حياتك.
 
إذا كان الجنس هو كل ما لديك، فأنت لا تملك شيئاً... أنت بهذا لست إلا أداة في يد الطبيعة لأجل التكاثر... مجرد مكنة أو مصنع للأولاد...
لكنك إذا استطعت تخيل وإدراك أن الحب هو كيانك الحقيقي، واستطعت أن تحب شخصاً آخر كصداقة عميقة، كرقصة مشتركة بين قلبين، بتزامن وتناغم وكأنهما قلب واحد، عندها لا تحتاج لأي دين آخر... لقد وجدتَ دين الفطرة وقد نبع فيك.
 
الحب يوصل المرء إلى أعظم وأسمى تجربة... سمّها الله، المطلق، النور، الحقيقة... هذه مجرد أسماء.. وفي الواقع، التجربة العظمى ليس لها اسم... 99 اسم وأبعد من الأسماء والكلمات، لكن الحب يوصل إليها.
 
إذا كنت تفكر فقط بالجنس ولم تدرك وتنتبه لوجود الحب، فأنت تهبط كالماء في المصرف... نعم ستجلب أطفالاً وستعيش في تعاسة وستلعب بورق الشدة وتذهب لمشاهدة أفلام السينما ومراقبة مباريات كرة القدم وستحصل على تجارب عظيمة من التفاهة المطلقة والملل والحرب وكل سلبيات الحياة... لكنك لن تعرف أبداً الجمال الحقيقي للوجود، الصمت والسلام الحقيقي للكون...
 
الحب يمكن أن يجعل ذلك ممكناً... لكن تذكر، الحب لا يعرف أي حدود...
الحب لا يمكن أن يكون غيوراً لأنه لا يمكن أن يمتلك.
هذا شيء بشع... مجرد فكرة امتلاكك لشخص ما لأنك تحبه....
عندما تمتلك شخصاً ما، فهذا يعني أنك قتلته وحوّلته إلى سلعة.
 
الأشياء فقط يمكن أن تُمتلك...
أما الحب فيعطي الحرية للآخر...
والحب هو الحرية وهو العذرية...
 
الحب هو الحرية الوحيدة من كل تعلّق وعبودية
عندما تحب كل شيء لن تتعلق بأي شيء
 
...إذا صار الرجل سجيناً لحب المرأة
...وإذا صارت المرأة سجينة لحب الرجل
عبودية السجين لا تليق بتاج الحرية الثمين
 
أما إذا صار الرجل والمرأة كياناً واحداً بالحب
لا ينفصلان ولا يتمايزان...
فهذه أعظم جائزة ينالها الإنسان


ارحموا أنفسكم يرحمكم من في السماء!

 
 
  
Heute waren schon 11 Besucher (12 Hits) hier!
ظاهرة المعاكسات في البلاد الإسلامية ، هذه الظاهرة الخطيرة والمؤلمة في نفس الوقت ، والتي تفشت وانتشرت في بلاد المسلمين بفعل الغزو الإستعماري الثقافي الغربي للبلاد الإسلامية وانبهار المسلمين بحضارتهم . والتي غفل عن خطورتها الكثيرين مع الأسف . والموضوع مقتبس عن كتاب ( رسالتي إلى أهل المعاكسات ) باختصار وتصرف . Diese Webseite wurde kostenlos mit Homepage-Baukasten.de erstellt. Willst du auch eine eigene Webseite?
Gratis anmelden