في الدرس الماضي تکلمنا عن التناسخ، التناسخ هو موضوع مهم وشنّ العدید من الخلافات والأبحاث في مجال الدین والعرفان.... الیوم سنتکلم عن بعض الأسئلة المتداولة في هذا الموضوع.
أول سؤال یطرح نفسه في هذا المجال هو: أي جسم من أجسامنا سیتعرض للعقاب أو الثواب یوم القیامة؟ وماذا عن: "یحیي العظام وهي رمیم" "بل قادرین علی أن نسوي بنانه"؟
قبل أي شيء سأنقل لکم حدثاً ومن ثم نعود ونشرح التناسخ.....
تصوّر أن هناك فنان هام ومشهور جداً اسمه (عليّ) وهذا الفنان مثـّل في ثلاثة أفلام سینمائیة وکان اسمه في کلّ دور یختلف یعني مرة اسمه نزار ومرة اسمه یوسف ومرة اسمه عدنان....
هذا الفنان أحسن التمثیل في هذه الأفلام والیوم هو حفلة تکریم لهذا الفنان لأنه یستحق الجوائز والهدایا...
ثمّ مرّ رجل وسأل لماذا هذا التکریم فقالوا له إنه لفنان کبیر فسأل: ماذا فعل هذا الفنان؟
قالوا أنه صنع هذه الأفلام... وعرضوا علیه الأفلام کلها.....
السؤال المطروح: لمن سنعطي هذه الهدایا؟ لنزار أم لیوسف أم لعدنان؟ لأنهم هم الذین صنعوا الفیلم ولولاهم لم یکن الفیلم موجود من أساسه.....
لکننا سنعطي الجوائز لعلي، لأنه في الحقیقة کلّ هؤلاء والفرق في التجربة فقط... هکذا بالنسبة للإنسان فالروح هي التي ستعاقب أو تثاب ولیس الجسم نفسه.... إذن ما قصة (یحیي العظام وهي رمیم أو بل قادرین علی أن نسوي بنانه) هي دلیل علی قدرة الخالق الذي یمکنه أن یحییها مرة ثانیة بکلّ بساطة تماماً کما تضع أنت الفیلم وتشاهده مرة ثانیة....
"الیوم نختم علی أفواههم وتکلمنا أیدیهم وتشهد أرجلهم بما کانوا یکسبون" سوره یس
تأمل في هذه الأیة: أین الرحمن الرحیم؟ هو الذي خلقني واصطنعني... هناك قبائل کثیرة غیر مسلمة أو لا تؤمن بالله الواحد ولا یزالون لا یعرفون شيء عن الله.... ماذا سیحدث لهذا الشخص؟ هل سیختم علی فمه حتی لا یتکلم؟ أین العدل في کلّ هذا؟ أکید کلّ هذه الأسئلة المطروحة لا تشمل الله الرحمن الرحیم المعروف بعدله وقسطه وکلّ ما في الأمر أننا حین نری شخصیات الأفلام التي لعبناها حیّة وموجودة أمامنا وهي تعیش کلّ لحظة بکلّ تفاصیلها لن نستطیع أن نتفوه بأي کلمة....
التناسخ یؤید العدل الإلهي لأنك في کلّ دورة من حیاتك تعیش تجربة إذن الروح ستکون کاملة ومتکاملة حین المثول أمام الله... بمعنی أنت مرة فقیر ومرة غنيّ ومرة جمیل ومرة قبيح ومرة ظالم ومرة مظلوم والکثیر من القصص التي یمکنك أن تتصورها.....
من جهة ثانیة تذکر أننا لا نستطیع أن نری الله (إلا قبل أن تبدأ الحیاة... سوره الاعراف 172 وآدم وحواء)
کلنا نعرف ماذا حصل حین طلب موسی أن یری الله. إذن هذا الضعف سیبقی موجوداً وله دلیل علميّ، أثبت العلماء أن کلّ شيء هو من نور والفرق في الکثافة فقط یعني الجماد هو أکثر کثافة من الإنسان والإنسان أکثر کثافة من السوائل وهکذا، إذن لا یمکن لهذا الکمّ الهائل من الکثافة أن یتصل أو یتناغم مع أرق أنواع النور (الله نور السماوات والأرض) مستحیل...
إذن الإنسان بعد الموت سیتحول إلی نور أقل کثافة من الهواء وأکید في هذه الحالة فقط یستطیع أن یتناغم أو ینسجم مع الخالق ویستسلم لحکمته...
أرید أن أضیف آخر نقطة وهي أن أي روح لها خمسة آلاف سنة علی الأرض حتی تلعب أدوارها وتصل للوعي الکوني وبما أننا لا نتذکر ماذا فعلنا أو ما هي الأفلام أو الأدوار التي لعبناها إذن اعمل وکأن هذه الدورة هي الأخیرة ولا تستطیع أن ترجع مرة ثانیة (ویقول الکافر یا لیتني کنت ترابا ---- أرجعني أعمل صالحا) أکید کانت هناك فرص کثیرة ولم نستغلها.
تأمل "منها خلقناکم وفیها نعیدکم ومنها تخرجکم تارة أخری" سوره طه
الدرس الثاني عشر: الاستسلام والتضحية

فلما بلغ معه السعيّ قال یا بنيّ إني أری في المنام أني أذبحك فانظر ماذا تری قال یا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرین" سورة الصافات 102
هناك جدل حول هذه الآیة، المسلمین یعتبرونها تشیر إلی اسماعیل والیهود والمسیحیة یعتبرونها تشیر إلی اسحاق، وأما نحن سنقدم الأهم علی المهم یعني سواء کانت هذه الأیة تشیر إلی اسحاق أو اسماعیل فهناك دروس بین سطورها وسنقرأها مع بعض وبعد ذلك ستعرف هذه الأیة إلی من تشیر....
الدرس الأول نأخذه من هذا الطفل البريء الذي کان یتبع أبوه في کلّ خطوة وفجأة قال له : أرید أن أذبحك... لم یعترض ولم یتردد وقال افعل ما تؤمر به وسأکون من الصابرین!!!
کیف یمکنه أن یکون بهذا الاستسلام؟؟؟ هو لم یکن نبيّ بعد حتی ننسب إلیه هذا الاستسلام لأنه کان صغیراً بالعمر ولا یوجد نبيّ صغیر بالعمر کلّ الأنبیاء کانوا في أعمار الثلاثین وما فوق... (یمکن کانت هناك تنبوءات لأشخاص من الصغر ولکن هذا لا یعني النبوة) لو لم یکن طفلاً لما أعطی هذا الجواب... الأطفال یعیشون الطفولة والبراءة بکلّ جوارحهم وأحاسیسهم والفکر والعقل والتدبیر لیس موجوداً بالمرة، کلّ الحیاة بالنسبة لهم لعبة کبیرة نفرح بها ثمّ نرمیها ونبحث علی غیرها..
والآن، لو تعرضت أنت لمثل هذا الامتحان کیف ستکون ردة الفعل؟ إذا جاء أحد تحبّه وتثق به وقال سوف أذبحك ماذا ستفعل؟ أذبحك؟
لننسی هذه الکلمة لنضع مکانها کلمة أترکك ماذا ستفعل؟ یا لطیف علی الإعتراض وخلق الحجج والشعارات.... إذا قال زوج لزوجته إني سأترکك!!! ستترکني وأنا التي أضعت کلّ هذه السنین في بیتك وأنجبت هؤلاء الأطفال ووقفت معك في الحلوة والمرة ووووو....
و العکس صحیح لو الزوجة قررت أن تترك زوجها فهناك مصیبة أکبر لأنها ستکون زانیة وعاطلة وعدیمة الإحساس لأنها ستترك الشخص الذي تحسّ أنها لا تحبّه والمجتمع والناس وکلّ شيء سیکون ضدّها.
یقول المسیح (ع) : "إن لم تعودوا کالأطفال....." لماذا الأطفال؟ لأن الأطفال لا یفکرون ولا یحسبون أي شيء بمیزان العقل والذکاء.... هل رأیت طفلاً مکتئباً أو حزیناً إلا الأطفال الذین نحن نضع لهم صفة أو علبة تحدد کیانهم : یا حرام هذا الطفل مریض!!
یا حرام هذا أعمی!!
یا حرام صار یتیم من شهر!!
یا حرام هذا أطرش!! أو علب أخری نضع الأطفال فیها ویتشفرون علیها.... الإنسان لا یفقد إنسانیته مهما حصل.... الإنسان المریض هو لیس المرض، الإنسان هو لیس عینین فقط حتی إذا فقدهم لا یبقی شيء من الإنسانیة لدیه وکذلك السمع أو الأهل أو أي شيء آخر.... الإنسان سیبقی أشرف المخلوقات مهما حصل یکفي أن یتعرّف علی نفسه وطاقاته....
أرید أن أضیف نقطة هامة وهي أن هناك شیوخ أو ناس یدّعون الإستنارة یتصرفون بشکل غیر أخلاقي مع الأطفال ویدّعون أنهم یزرعون نطفة الإستنارة فیهم أو یحرکون طاقة الحکمة لدیهم... أرجوکم لندع الأطفال يعيشون طفولتهم ولا نتدخل في هذه البراءة ونشوهها حتی وإن کان السبب هو الإستنارة!!
أصغر عارف وعالم مستنیر کان عمره واحد وعشرین سنة..... إذن لندع الأطفال ولننتبه لأنفسنا..
الدرس الثاني هو التضحیة، تصوروا بعد کلّ هذا الانتظار للأبوة والفرحة من ولادة هذا الطفل والتعلق به والیوم جاء وقت الامتحان... اذبحه؟! ضحي بأعز شيء عندك لترضي الله... لماذا یالله هذا الامتحان الصعب وأنت لست بحاجة إلی هذه التضحیة، أنت القويّ والقادر والغنيّ وأنا الضعیف والذلیل والمستعین.... لا تتذاکی!!! هذا هو الامتحان.
إلی أي مدی أنت مستعد للتضحیة؟ وماذا ستکون الضحیة؟
و العکس صحیح أیضاً لأن هناك أشیاء ثمینة نضحي بها ولا نعیر لها أي أهمیة، لقد أعطانا الخالق أرض جمیلة نعیش علیها وجسم أجمل نعیش فیه ونحن ماذا نفعل؟ نضحي بالأرض کلّ یوم ونستنزف خیراتها ونستخدمها للدمار، نضحي بأجسامنا وصحتنا، وکذلك نضحي بقلوبنا وبوقتنا.
أنا أزرع الفاکهة والقمح وذاك یزرع الخشخاش ویستخرج النفط لشراء الأسلحة
أنا أسهر للتأمل أو الذکر وقراءة أي کتاب یقوي الإنسانیة وذاك یسهر لیری القنوات الفضاحیة
أنا أدرس وأتعلم وأعیش ما تعلمته وذاك ینام ویشخر ویتأخر...
تذکر أن ما تضحي به هو الذي سیبقی لك أنت، إذن لا تتفاخر به.
"وكذلك نري ابراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين، فلما جنّ عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربيّ........" سورة الأنعام (75-79)
"وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كلّ شيء فأخرجنا منه خضراً نخرج منه حباً متراكباً ومن النخل من طلعها قنوان دانيه......" سورة الأنعام 99
"أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت" سورة الغاشية 17-20
آيات كثيرة تشبه هذه الأيات وتقول لنا أن نفكر بالطبيعة ونتأمل بها، ولكن لماذا؟
إن القوانين التي وضعها الله للخلق هي نفسها في كلّ المخلوقات، كلّ المخلوقات تتنفس وكلها تتكاثر وكلها تولد وكلها تموت والفرق في النسبة فقط يعني هناك حشرة تولد وتعيش وتتكاثر وتموت في عشرة أيام وهناك من يعيش على الأرض سنين طويلة، الإنسان في فترة زمنية كان يعيش ألف سنة وهناك بعض الأشجار تعيش مئة سنة وهناك حيوانات تعيش مئات السنين حتى يومنا هذا...
إذا كانت قوانين الخلق متساوية للجميع فلماذا التأمل؟
التأمل في الطبيعة ليس لنجد التشابه بل لنجد الفرق بين الكائنات الحيّة ونقرأ الرسالة التي تؤديها كلّ منها.
سيدنا ابراهيم كان يبحث عن الله فتأمل بالكواكب والسماوات والأرض ولأنه رأى الفرق بين هذه الأيات والله وصل إلى التوحيد، عرف أن كلّ شيء يزول وهو لا يريد إله يزول عرف أن كلّ هذه الأجرام السماوية محدودة وهو لا يريد إله محدود إذاً اخترق القوانين كلها وتعرّف على الواحد الأحد.
و أما نحن، هل سنتأمل السماوات والأرض والأبل والبحر والفلك وكلّ شيء حتى نتعرف على الواحد الأحد؟ أكيد لا.... لأن سيدنا ابراهيم هو الذي اكتشفها من قبل..
إذاً ما هو المغزى من التأمل؟
انظر إلى الشمس، تعطي حرارتها لكلّ شخص على الأرض ولا تحاسب أحد على ذلك ولا تفكر في الناس وتقول أن هذا صالح وذاك طالح إذاً سأعطي لهذا أكثر ولذاك أقل!!!! ومع كلّ هذا العطاء لا تتوقع أن نرد لها حتى القليل من هذا الحنان والنعمة التي تغمرنا بها.
و هكذا بالنسبة للأرض والشجر والبحار والأنعام، كلها موجودة وتعيش وتتعايش مع بعض بقبول وتسليم.....
الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يختلف عن الآخرين في قانون الوعي، يعني كلّ الطبيعة تعيش وتتكاثر وتتنفس ولكنها غير واعية لأنها تتبع قوانين الخلق. وحده الإنسان الذي له الخيار ويستطيع أن يتمرد أو يستسلم مثل الطبيعة وسواء أن تمرد أو استسلم فهو واع لما يفعله ويستطيع أن يعيش النعمة أو النقمة التي يخلقها لنفسه.
اكتب آيات الطبيعة حسب أهميتها على ورقة: الشمس، الأرض، القمر والبحر والشجر وغيرها من الأشياء التي تراها في الطبيعة واختر لكلّ من هذه الآيات صفة وعشها يوم واحد، بمعنى:
الشمس: شروق، عطاء وغروب.... اختر أحد هذه الصفات
الشروق: حين تشرق الشمس تصحّي كلّ الكائنات وتفرح وترقص الرقصة الكونية، أينما تذهب يمكنك أن تجلب الفرح والسعاده معك وكأن الشمس أشرقت في ذلك المكان.
وكيف يمكنك أن تعيش العطاء دون أن تحكم على الأخرين؛ أن تعطي وتنسى!!!!
و كيف يمكننا أن نغرب أو نترك الناس الذين نتدخل في حياتهم باسم الحبّ حتى لا نحول حياتهم إلى جحيم الإنسان الذي يحبّ غروب الشمس هو في اللاوعي يريد أن يتخلص من شيء في حياته والإنسان الذي يحسّ بالإحباط حين غروب الشمس هو في اللاوعي يخاف من أن يفقد شيء عزيز عليه.
هكذا بالنسبة للأرض، هل يمكنك أن تتحمل كلّ هذا التلوث والإهانه التي تتحملها الأرض؟
هل يمكنك أن تكون مثل البحر؟ حين ترمي أي شيء في البحر يختفي بداخله ولا تراه ولكنه موجود إذاً هل يمكنك أن تكون كتوماً لأسرار الآخرين مثل البحر؟
هل يمكنك أن تتناغم مع الناس كما تتناغم الشجر مع الفصول؟
هل يمكنك أن تضيء ظلام كبير كالقمر؟
إذا عشت أي من هذه الصفات سترى أن الإنسان هو الكيان الوحيد الأناني في هذا الكوكب؛ الذي يسخّر كلّ شيء ولا يعطي شيء.
"بسم الله الرحمن الرحیم"
"نحن نقص علیك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وان كنت من قبله لمن الغافلین"
"لقد كان في یوسف وأخوته آیات للسائلین"
لماذا یقال أن سورة یوسف هي أحسن القصص مع أنه هناك قصص كثيرة في القران؟ وكیف یمكن لهذه القصة أن توعینا من الغفلة التی نحن علیها؟ وما هي الآيات التي یمكن أن نفهمها من هذه القصة؟
هي أحسن قصة لأن كل آیاتها موجودة في سورة واحدة ولیست متقطعة مثل باقي القصص ومع صغر حجمها فهي تسرد لنا قصة حیاة نبي من صغره إلى أن وصل إلى النبوة وبالنسبة إلى الروایات الموجودة حالياًُ والتی تشمل مئات وأحياناً ألوف الصفحات هذه القصة بحد ذاتها تعتبر معجزة.....
هي فی الحقيقة قصة أمل!! عاش علیه یعقوب ویوسف إلى أن تحقق...
وقصة الحسد والتفرقة بین الأخوة وكیف أن هناك أشياء جمیلة موجودة عند الآخرين ونحن لا نرید أن نراها لأننا بكل بساطه نحسّ بالغيرة من هذا الجمال ونرمیه وندفنه في بئر الجهل وحینها نفتخر ونقول الآن نحن المنتصرین!!! هل إذا أجمع الكل علی رأي یعنی أن هذا التصرف هو الحق والحقيقة؟
هي قصة تخطیط وغدر واستخدام القدرة بطرق غیر مشروعة...
هي قصة توكل علی غیر الله، یعقوب توكل علی نفسه حین حاول أن یحمي یوسف وكذلك توكل علی أبنائه لحماية یوسف....
توكل یوسف علی أخوته ولم یتصور الخداع منهم.... توكل علی جماله وتصور أنه سیباع بسعر خيالي، فاشتروه بثمن بخس...... وتوكل علی السجین الذی كان معه وقال اذكرنی عند ربك....
هي قصه حب كان مكبوتاً بداخل امرأة وفي یوم قررت أن تظهره للحبیب الذي رفض هذا الحب بسبب التقوى وتحول هذا الحب إلى كره وانتقام....
هي قصه أحلام ونوایا موجودة بداخلنا كلنا ولكن لا یوجد الصبر الكافي لتحقیقها.
هي قصة الإعلان عن النبوة في أي مكان حتى وإن كان هذا المكان هو السجن...
هي قصة دولة تتعرض لمشاكل مادیة وكیف یمكن تخفیف الضغوط المادية علی الناس ومساعدتهم؟
هي قصة تسامح مع المخطئ والعفو عند المقدرة.
هي قصة (والله غالب علی أمره ولكن أكثر الناس لا یعلمون) و(حصحص الحق) هذا یعني أن في النهاية لا یوجد شيء یقف أمام أمر الله.
هذا الدرس مليء بالمفاتیح..... كل یوم تأمل علی مفتاح حتى لا تكون من الغافلین.
الدرس السادس عشر: عن الرزق

بسم الله الرحمن الرحیم
"الله یبسط الرزق لمن یشاء ویقدر وفرحوا بالحیاة الدنیا وما الحیاة الدنیا في الآخرة إلا متاع" رعد
"وإن من شيء إلا عند الله خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم" 21 حجر
"إن الله یبسط الرزق لمن یشاء من عباده ویقدر له إن الله بكلّ شيء علیم" عنكبوت
هناك الكثیر من الآيات التي تشبه هذه الآية في القرآن الكریم والتي تشیر إلی أن كلّ شخص له مقدار محدد من المال في حیاته ویمكن أن یكون قلیل أو كثیر ولكنه في النهاية محدد.... لماذا؟ لماذا هذا الاختلاف في الأرزاق وهو شيء من حق كلّ شخص.. فهو الذي خلقنا إذن لماذا كل هذه التفرقة بین العباد؟
كلنا نعرف هذا الحدیث : "من عرف نفسه عرف ربه"
إذن من نحن؟ خلایا وأعضاء تعمل مع بعض بكد وجهد كبیر.....؟ حتى أعیش وأعي وأرتقي (أنا).
لنتأمل الخلایا الموجودة في هذا الجسم، هناك خلایا لا أراها أبداً وهي الأساس لاستمرار حیاتي مثل المخ والقلب والرئة.... وهناك خلایا تتحمل كلّ العبء والوزن الموجود وغالباً هذه الخلایا لیست جمیلة ولا أهتم بها لأنها تحت قدمي...... وهناك خلایا في وجهي تأخذ كلّ اهتمامي وأراها كلّ یوم في المرآة وإذا تغیّر لونها... یا لطیف اركض إلی الطبیب وأستخدم المستحضرات الطبیة حتى ترجع شابة ونضرة كما كانت....
هل أنا ظالمة؟ كیف یمكنني أن لا أفكر بكلّ الخلایا؟ ولماذا كلّ هذا اللطف للبعض وهذا الجفاء للبعض الآخر؟
في الحقیقة هذه صرخة كلّ خلایانا لأن هناك أعضاء تحصل علی دم بنسبة كافیة وأسرع من البعض الآخر الذي یحصل علی نسبة أقل هناك القلب والكبد والمخ والرئة تحصل علی نسبه أكبر من الدم وهناك خلایا یجب أن تنتظر إلی أن یخرج الدم من هذه الأعضاء حتى تحصل هي علی القلیل منه أو ما یكفیها حتى تعیش.... هناك صرخة ثانیة وهي لماذا كلّ هذه الأعضاء تشتغل وتتحمل كلّ هذا العبء حتى یتكامل شخص آخر لا تعرفه الأعضاء جیداً فحسب بل هو ظالم أیضاً.....؟
الحقیقة هي أننا لا نفكر بالخلایا لأننا نعرف أن هناك قانون خاص یشمل كلّ الجسم ولا یوجد فرق بین خلیة وأخری لأن أي واحدة منهم إذا تألمت تألم جسمي كله، وإذا كانت هناك خلایا تحت قدمي فهذا یكون خیارها هي!!! لأنها هي التي اختارت هذه السلالة من الخلایا وفي النهایة كلّ الخلایا ستموت وتتحول إلی تراب ولن تعرف لماذا مرت بهذه التجربة لأن وعیها محدود....
هذه الخلایا لو عرفت أن وجودها بداخل هذا الجسم یساعد علی التواصل بالوعي الكوني ومن ثمّ بالواحد الأحد..... لن تعترض في یوم علی ما هي أبداً ووجودها في هذه التجربة العظیمة یكفیها حتى تحس بأهمیتها لهذا الكون....
إذن لماذا كلّ هذا الاختلاف في الرزق؟ هذا یتعلق بالسلالة التي جئت منها وما هو الدور الذي یجب أن تؤدیه؟ لأنك أنت اخترت أن تكون من هذه السلالة وأكید هناك أمانة علیك أدائها!!!
إذن لا یفكر الله بكلّ واحد منّا لوحده بل هناك قانون یسود هذا الكون وحسب المسؤولیة التي اخترتها یأتیك المال... أكید ستسأل أن هناك أناس كثیرین یحصلون علی المال من السرقة وطرق غیر مشروعة فكیف یكون هذا عدلاً؟
نرجع للخلایا مرة ثانیة إذا تمردت بعض الخلایا علی ما هي علیه ماذا یحصل للجسم؟ سرطان!!! وكیف نتعامل مع السرطان؟ إما أن یستأصله الأطباء أو یقتل الشخص الذي أصابه....
كلّ شخص یسرق أو یحصل علی المال بطریقة غیر مشروعة فهو سرطان الكون وستكون نهایته كنهایة السرطان یعني في النهایة لا یستطیع أن یصل إلی الاستنارة أو الوصل الذي نتمناه لأنه بكلّ بساطة سرطان.
وكذلك إذا فكرت بالهدف من كلّ هذا الخلق فأكید لا تستطیع أن تحصل علی الجواب لأنك لن تفهمه تصور إذا قلت للخلیة أنت مع هذه الملایین الأخرى من الخلایا سوف تتصلون بشيء أكبر وأرقی من الوعي الذي أنت علیه!!!! أكید لن تستوعب هذا الوعي ولن تفهمه وستظل تفكر بالألم الذي تحسه وهذا من حقها لأن هذا هو وعیها....
إذن لا تسأل عن الهدف لأنك لن تستوعبه الآن ولكن نأمل بعد أن نتبع هذه الدروس والخطوات أن یفهم كلّ شخص مسؤولیته ویكون سعیداً لأنه موجود في هذا الوجود.
الدرس السابع عشر: عن الجن

"وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لأدم فسجدوا إلا إبلیس كان من الجنّ ففسق عن أمر ربّه افتتخذونه وذریته أولیاء من دوني وهم لكم عدو وبئس للظالمین بدلا" سورة الكهف 50
"وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنی ألقی الشیطان في أمنیته فينسخ الله ما یلقي الشیطان ثمّ یحكم الله آیاته والله علیم حكیم" الحجّ 52
"وقال الذین كفروا ربنا أرنا الذین أضلانا من الجنّ والإنس نجعلهما تحت أقدامنا لیكونا من الأسفلین" فصلت 29
"وإذ صرفنا إلیك نفراً من الجنّ یستمعون القرأن فلما حضروه قالوا أنصتوا فيما قضی وولوا إلی قومهم منذرین" الأحقاف 29
هناك الكثیر من الأیات التي لها نفس الفكرة....
ماذا تقول هذه الأیات؟ أنها تتكلّم عن الجنّ!!! فهل هذا معقول؟ العلم لم یثبت شيء في هذا المجال فكیف نصدق؟
یا أیها الذین یؤمنون بالغیب، إذا قرأت أول آیه تعرف أنه من أین أتی الجنّ یعني إذا كان آدم أبو البشر فإبلیس أبو الجنّ وطاقته من نار والتراب أقوی من النار إذاً من ناحیة الخلق نحن أقوی من الجنّ لأن الطاقة أقوی، وكذلك من ناحیة العلم لأن إبلیس كان من عباد الله المقربین ویقال أنه كان یعبد الله سبعمائة سنة ولكنه كان یعبد ویسبح فقط وحین خلق الله آدم علمه الأسماء كلّها إذاً آدم أقوی من الجنّ من ناحیة الذكاء والعلم. ومن جهة الروح فإن آدم له روح وإبلیس لا یملك الروح التي هي نفخة من الخالق الواحد الأحد. إذاً آدم أقوی من الجنّ في الجسم والفكر والروح!!! إذاً لماذا كلّ هذا الخوف؟ وكیف یسیطر علینا ونحن أقوی منه؟
في زمن سیدنا سلیمان لم یكن البشر یخاف الجنّ وكان الأنس والجنّ یعیشون علی الأرض ولكن أكید هذا الحقد والحسد كان موجوداً فيهم من یوم الهبوط علی الأرض ولكن هذا لا یمنع التواصل والتعایش مع بعض. في زمن سیدنا سلیمان أعطی الله لسلیمان القدرة علی تسخیر الجنّ (سورة النمل) وكان یستخدمهم بطرق كثیرة یقال أن سیدنا سلیمان عاش ثلاثمائة سنة ومن ذلك الحین صار الإنسان یستخدم الجنّ لتحقیق نوایاه والتي كانت غالباً غیر سلیمة.... وهكذا تعرف الجنّ علی نوایا الإنسان ومخاوفه وكلّ أسراره ولم یفكر الإنسان بالتعرّف علی الجنّ لأنه توكلّ علی طاقته وعلمه؛ إذاً عبر قرون كثیرة استنزفت سلالة الإنس طاقة كبیرة من سلالة الجن وهكذا صار الجن عدواً للإنسان ویضربه من الجانب الذي تفوق علیه وهو الفكر یعني صار یوسوس، أي یقول له كلّمات حتی یغلط ویعصي الله وإذا استطعت أن تسیطر علی فكر شخص ما فتستطیع أن تسیطر علی الجسم والروح أیضاً.
بعد كلّ العذاب الذي وجهناه لهذه السلالة قرروا أن یدخلوا في الأرض ویبنون مملكتهم تحت الأرض وصاروا هم مخلوقات تحت الأرض ونحن علی الأرض.
أكید استمر البشر باستنزاف طاقات الجنّ عن طریق السحر والشعوذة ولهذا الأنبیاء الذین جاءوا بعد سیدنا سلیمان حذروا الناس من الجنّ وصاروا یخوفونهم منهم، أكید هذه رحمة من الخالق حتی یكفّ الإنسان عن استعباد الجنّ. وكذلك حذرهم من وسواسه وإضلاله لبني البشر ومن هنا دخل الخوف في فكر الإنسان وصار یبتعد عن الجنّ لدرجة أنه سمح للجنّ أن یسخّره هذه المرّة. إذاً توجد ثلاث حالات تربطنا بالجنّ وهي :
الكارما، یعني أي شخص كان یتعاطی بالسحر أو الشعوذة ویسخّر الجنّ أو یستنزف طاقاتهم بأي شكل كان، فأكید سیدفع الثمن إذا لم یدفع هو فسیدفعها أحد من سلالته.
الخوف، لأننا نخاف من الجنّ بشكلّ كبیر إذاً حین ظهوره أو حتی أقل فكرة عنه یتوقف الفكر ونسمح له بالسیطرة علینا.
الجهل، لأننا نجهل أننا أقوی منه في الجسم والروح والفكر إذاً نستخف بقدراتنا ونسمح له باستخدامنا.
ماذا نفعل إذا رأی الإنسان الجنّ أو حاول أن یؤذیه؟
كلّ ما في الأمر هو أن هناك دین یجب أن تدفعه!!! لأنك أكید في زمن ما استنزفت منه أو من سلالته هذه الطاقة فأول شيء هو أن یستغفر كلّ أهل البیت كلّ یوم مئة مرة وبعد الاستغفار نطلب من الجنّ أن یغادر المكان ویحصل علی طاقته المفقودة من مركز (أورا) الأرض هذا المركز هو كالشمس بالنسبة لهم وهو موجود في داخل الأرض وقلبها.
هل نتصالح معهم ونتعرف علیهم؟
كلّنا مخلوقات الله، ولأننا نختلف في الطاقة فلا نستطیع أن نستفيد من بعض وأكید مثل كلّ المخلوقات فيها الصالح والطالح لأن هذه الطاقة هي الحاكمة علی الأرض ولا مفرّ منها... إذاً لا فائدة من هذا التعارف والتصالح والأحسن أن نتعرف علی أنفسنا التي تركناها من مئات السنین واستنزفنا طاقتها لأشیاء تؤخرنا عن الوصل والتوحید الذي خلقنا من أجله.
الدرس الثامن عشر: التوبة وشروطها

ما هي شروط التوبة وکیف یمکننا أن نتوب؟
أول مرة تکلم فیها الرسول (ص) عن التوبة کانت التوبة عن الکفر بالله، وأمر الناس أن یتوبوا إلى الله أي یقطعوا علی أنفسهم عهد بأن لا یکفروا بالله عز وجل. وأول شخص کفر بعد أن تاب کان عمار بن یاسر وهو أحس بضعف أمام العذاب الذي رآه من قریش. ومن ثم نزل القرآن بالکثیر من الآیات ومن أهمها هي أن الله یقبل العدول عن التوبة ثلاث مرات!!! أکید العدول عنها له شروط ومواقف خاصة ولکن لا نرید أن ندخل في تفاصیل العدول عن التوبة لأن الکثیر من رجال الدین تکلموا عنها، نحن نرید أن نفهمها بعلم الطاقة.... إذاً لماذا ثلاث مرات؟ لماذا لم یقل مرة واحدة أو خمس مرات؟
لقد تکلمنا عن الأجسام السبعة في الدرس الثالث واليوم سنستعین بها مرة ثانیة.
الجسم الأول: أي هذا الجسم المادي هو الذي یحسّ بالنعمة والنقمة یعني نحن بهذا الجسم نحسّ بالعذاب أو بالفرح والسعادة لأن هذه الأحاسیس في الأجسام الأخری تکون مختلفة بعض الشيء، ولهذا آخر آیه من سورة الفاتحة تتعلق بهذا الجسم (صراط الذین أنعمت علیهم غیر المغضوب علیهم ولا الضالين)
الجسم الثاني: هو الجسم القریب جداً علی هذا الجسم والهدایة تأتي من هذا الجسم (اهدنا الصراط المستقیم) من هنا نقول أن الهدایة من الله لأنها طاقة خارجیة ولا یتدخل فیها الجسم المادي.
الجسم الثالث: هو الجسم الذي یحمل الذاکرة الکونیة من أول الخلق إلى الآن، تذکروا سورة الأعراف، إذا کنا رأینا الله فهذه الذاکرة موجوده في هذا الجسم. إذاً کلّ ما نفعله أو فعلناه من قبل یحفظ في هذا الجسم، تماماً مثل الکومبیوتر، أنت تحمّل الکومبیوتر معلومات وتکبس علی زر الحفظ... فیحفظ!! أکید هذا الجسم لیس له علاقة بالمستقبل ولا یعلم الغیب وهو خاص للملفات الماضیة فقط.
و الأن لنتأمل التوبة معاً: أنت تحسّ بالعذاب أو النقمة من شيء أو حالة فتقرر أن تتوب عنها لأنك ترید أن تتخلص من هذا العذاب، إذاً هذه التوبة تحصل في الجسم الأول. وفي لحظةضعف أنت تعدل عن هذه التوبة ولکن یحصل عندك تأنیب ضمیر إلى حدّ کبیر وتحاول أن تستعد حتی تتوب مرة ثانیة، هذا التأنیب لیس من الجسم الأول بل هو من الجسم الثاني ولهذا أنت تعرف بقرارة نفسك أنك یجب أن تتوب وهذا الإحساس یکبر کلّ یوم وتری إشارات ومواقف تحفزك أکثر علی التوبة... فتتوب مرة ثانیة.
أکید إذا أردت العدول عن هذه التوبة یجب أن تکون هناك أسباب قاسیة وقویة حتی ترجع عن التوبة مرة ثانیة... المرة الثالثة أنت تحسّ أنك أضعف في العزیمة وأقوی في العهد، إذاً ستقطع علی نفسك عهد أکبر حتی لا تعدل هذه المرة لأنها الأخیرة والکثیر منا لا یتفوق علی ضعفه حتی وإن کانت هذه المرة هي الأخیرة!! لماذا؟
الکثیر منا لا یعرف کیف یتوب؛ سیدنا آدم حین هبط علی الأرض لم یکن یعرف کیف یتوب لأنه لم یکن هناك شخص آخر أخطأ قبله، إذاً ماذا فعل؟ (فتلقی آدم من ربه کلمات فتاب علیه..... البقره 37)
و اليوم نحن نملك الکلمات، إذا قرأت القرآن والآیات المرتبطة بالتوبة ستری هذه الکلمات فیها:
الصلاة، الصدقة، الإنفاق، الاستغفار
لقد تعرفنا علی طاقة الصلاة والزکاة في الدرس الثالث وهي أن تنظیم الأجسام السبعة وسحب الطاقة منها عن طریق الصلاة والمشارکة بالطاقة عن طریق الزکاة (الصدقة والإنفاق لها نفس الطاقة) ولکن ماذا یفعل الاستغفار؟ الاستغفار یمحو الذنوب لأن طاقته هي الطواف وعکس طاقة الشخص یعني إذا کنت رجلاً فعکس طاقة الرجل وإذا کنت امرأه فعکس طاقة المرأه.
(استغفر الله) تعمل مثل الـCD حین تضعه یقرأ الملف من الداخل للخارج وهکذا هذه الجملة هي تمحو من الداخل للخارج ولهذا الاستغفار یحتاج إلى وقت طویل لیمحو الفکرة من الجسم الأول إلى الجسم الثالث.... لأن التنظیف یجب أن یصل إلى الجسم الثالث وإلا حتی لو لم تعدل عن التوبة فستظل تفکر فیه....
أنا لا أطلب منك أن تستعجل وتتوب عن کلّ الذنوب لأننا لسنا في عجلة من أمرنا خاصة في هذا الطریق.... بعد کلّ صلاة اجلس وأغمض عینیك وفکر بالموضوع الذي ترید أن تتوب عنه فکر فیه وأنت بالجسم الأول. واستغفر وفکر فیه وأنت في الجسم الثاني وحاول أن تسحب الجسم الثالث وتتعرف علی السبب الذي أوصلك لهذا الذنب أو الخطأ أو العمل الذي لا ترید الاستمرار به....
إذا استطعت أن تمحو الفکرة من الجسم الثالث فلن تعدل عن التوبة أبداً لأن الفکرة لم تعد موجودة...
تذکر أن هذا الطریق یحتاج إلى صبر ومجهود ووقت لأنك أحیاناً یجب أن تتوب عن أشیاء أتیت بها من حیواتك الماضیة...
الدرس التاسع عشر: الحكم والانحياز

"قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثیراً من الخلطاء........" سورة ص 23
هذه الآية تقصّ لنا عن شخص جاء لسیدنا داود وقال له أن له نعجة ولأخیه تسعة وتسعون نعجة وأراد أخاه أن یأخذ هذه النعجة أیضاً فما هو الحلّ؟ أكید المنطق لا یرضی بالظلم..... فقال له سیدنا داود أن یحافظ علی حقه. إذاً أین الغلطة التي ارتكبها سیدنا داود حتی یستغفر الله عنها؟
یقال أن الله أحس بانحیاز سیدنا داود لهذا المظلوم، الحكم لم یكن غلط بل الإنحياز هو الغلط!!!!
إذاً كلّ القصة كان یجب أن تكون بهذا الشكل: جاء رجل لسیدنا داود وقال له عندي نعجة وأخي یریدها فماذا أفعل؟ حافظ علی حقك.
إذاً حین قال الرجل أن أخي غنيّ وعنده تسعة وتسعون نعجة، فهذا یعني أنه تظّلم أو تمسّكن حتی یجعل الحُكم لصالحه.....
لنتأمل هذه الآية، أو بالأحری لنتأمل أنفسنا وأعمالنا..... كلّ یوم نعیش الإنحياز، أنحاز لابني ضدّ زوجته وأنحاز لابنتي ضدّ زوجها وأنحاز لرئیسي في العمل ضّد باقي العاملین وأنحاز لوطني ضدّ الغریب وأنحاز لدیني ضدّ المذاهب الأخری....
كیف تربینا علی هذه الغفلة؟ إذا انحاز سیدنا داود مرّة واستغفر ربّه، كم مرة یجب أن نستغفر حتی نمحو الجهل من هذا الفكر.
إذا كان سیدنا داود انحاز ولكنه حكم بالعدل فكیف الذین ینحازون ویحكمون بالباطل؟
هذه الواقعة حصلت مع سیدنا داود، یعني قبل سیدنا موسی وعیسی والرسول وانظروا ماذا فعلنا بانحیازنا إلى أدیاننا ومذاهبنا؟ كم جریمة قتل ارتكبنا؟ كم قتلنا من شعوب وأمم باسم الدین؟
أین "لا اكراه في الدین" و"لكم دینكم ولي دین"؟
الإنحياز هو كالشعرة التي تفصل بین الحقّ والباطل حتی لو حكمت بالحقّ أنت غلطان لأنك منحاز فكیف إذا وقعت بالباطل؟
إذاً أهم شيء هو أن لا تحكم علی الآخرین.... لأننا نحكم عن طریق عاداتنا وأفكارنا وثقافاتنا وحینها نحتاج إلى الألوف من الاستغفارات حتی نمحو ما فعلناه بهذا الحكم البسیط....
كلنا عباد الله وخلایاه إذاً لا یوجد فضل بین أحد والآخر!!! حتی المرشد والمعلم والمسؤول!!! الفرق بیننا في المسؤولیة فقط.... هو تحمّل مسؤولیة أكبر وأنا اخترت مسؤولیة أقل وكلنا یجب أن نؤدي الأمانة بأحسن وجه.....
الدرس العشرون: الغرور والأنانية

بسم الله الرحمن الرحیم
" إن قارون كان من قوم موسی فبغی علیهم وأتیناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنؤا بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا یحبّ الفرحین " سورة القصص
" یا أیها الناس اتقوا ربكم واخشوا یوماً لا یجزى والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شیئاً إنّ وعد الله حقّ فلا تغرنكم الحیوة الدینا ولا یغرنكم بالله الغرور " سورة لقمان 33
ما هو الغرور؟ وما هي الأنانیة؟
الغرور والأنانیه من نفس الطاقة ولكن طاقة الغرور تأتي من الخارج وطاقة الأنانیة تأتي من الداخل.
الغرور یعني أنك تفتخر وتتباهی بشيء عندك وهذا الشيء جاء من الخارج مثل المال أو الأولاد أو سمعة أوشهاة أو شهرة.... والأنانیة هو التفاخر والتباهي بشيء یأتي من الداخل مثل جمال الوجه أو جمال الجسم والعضلات أو الصحة أو علم، كلّ هذه الأشیاء تقودك للغرور أو الأنانیة.
ماذا تقول الآیة: إن الله لا یحبّ الفرحین؟ لماذا؟ الفرح والسعادة هي جزء من الحیاة إذاً لماذا لا یحبّ الله الفرحین؟
في الحقیقة إن الله لا یحبّ ناكري الجمیل والذین لا یتقون الله. ویذكرنا في آیات كثیره أن أولادنا وأموالنا فتنة ولكننا ننسی أو نتناسی لأن إحساس الغرور هو إحساس جمیل ویعطي الشعور بالفرح والانتصار، تصور أن عندك المال الكافي أو أكثر من الكافي فأكید ستحصل علی ما ترید وأیضاً من وقت لآخر ستتصدق من هذا المال للفقراء وسیشكرونك كثیراً وستكون من
أصحاب (حسنة الدنیا والآخرة) وأكید ستشكر الله لأن الشكر واجب ولیس من امتنان. وإذا امتحنك الله في أحد الأشیاء یعني خسارة مالیة أو مرض أو مشكلة صغیرة تقول في نفسك لماذا اختارني الله لهذا الامتحان؟ أنا أتصدق وأفعل كلّ شيء یرضي الله إذاً من أین جاء هذا الامتحان؟ أكید أنا محسود أو أصابني فلان بالعین!!!! لا حبیبي أنت مغرور
إذا أردت أن تعرف أنك مغرور أو لا، اجلس في مكان هادئ واغمض عینیك وفكر من أنا؟ ابدأ من الخارج للداخل واحذف كلّ شيء حصلت علیه من الخارج ویمكن أن یزول.... مثلاً: المال یمكن أن یزول بطرق مختلفة إذاً احذفه والأولاد سیتركونني لأني لا أملك المال ویذهبون حتی یحققون ذاتهم وأموالهم الخاصة إذاً احذفهم، العائلة والسمعة یمكنها أن تزول أیضاً إذا شخص عاطل خرج من هذه العائلة (أسامة بن لادن قضی علی سمعة أهله وعائلته لأنه اتبع الدین بشكل غلط) إذاً لنحذف العائلة أیضاً وكذلك الشهادة التي حصلت علیها احذفها لأنك حتی تحصل علیها أكید غششت وكذبت أو استخدمتها لأغراض شخصیة، هكذا احذف أي شيء خارجي.
وكذلك ادخل أكثر واحذف الأشیاء الداخلیة مثل:
الجمال لأنه یمكن أن یزول بمرض أو حادث وكذلك بالنسبة للجسم والعضلات، والعلم وكلّ شيء یمكن أن یزول.
هل تستطیع أن تفرح بما تبقی؟ هذا هو الفرح والسعاده الداخلیة.... ولن یؤاخذك الله علیها ولن یقول (إن الله لا یحبّ الفرحین). حتی مساعدة الآخرین والدخول في وادي الروحانیات یجلب الأنانیة ولكنها أنانیة شفافة لا تحسّ بها، تفخر بنفسك لأنك ساعدت الفقراء؟ إذا لم تكن أنت فسیأتي شخص ثاني ویساعدهم أنت كنت وسیلة فقط.
تفخر لأنك لا تكذب أو لا تزني أو لا تعصي الله؟ وما خلقنا الجنّ والإنس إلا لیعبدون!! إذاً ما تفعله هو تحقیق لمشیئة الله ولا تنسی أن إبلیس كان یعبد الله سبعمائة سنة وكان من المقربین وفي لحظة أصبح من الملعونین...
لماذا یمتحنني الله؟ لا تسأل هذا السؤال لأنه یأتي من الأنانیة... لا یمكنني أن أعترض علی شيء لیس لي علم به إذاً اقبله بسعة صدر وامتنان هذه الطریقة الوحیدة التي یمكنني أن أخفف صعوبته ولا تنسی أن رحمته وسعت كلّ شيء.
أنا أحس بالاستغناء عن كلّ شيء وأتمنی الموت!!! هذه أیضاً من الأنانیة راقب نفسك جیداً واسأل: لو كانت عندك كلّ مؤهلات السعادة (السعادة تختلف من شخص لآخر وكذلك مؤهلاتها) هل ستتمنی الموت؟
كلّ یوم اسأل نفسك هل أنا مستعد للموت الآن؟ كرر هذا السؤال مرات عدیدة وفي مواقف عدیدة!!! في الفرح وفي الحزن وستری أن أتعس الناس لهم شيء متمسكین به....
إذا وصلت في یوم إلی مرحلة یكون الجواب فیها في كلّ مرة ومع كلّ المؤهلات هو نعم أنا مستعد للموت.. إذاً أنت تخطیت الغرور والأناینة...
الدرس الواحد والعشرون: الصّبر

بسم الله الرحمن الرحیم
"ولئن صبرتم لهو خیر للصابرین * واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن علیهم....."
"وقال الذین اوتوا العلم ویلكم ثواب الله خیر لمن آمن وعمل صالحاً ولا یلقاها إلا الصابرون" 80 قصص
"واستعینوا بالصبر والصلاة وإنها لكبیرة إلا علی المؤمنین"
لماذا یُذكر الصبر مع الصلاة؟ لأنها من نفس الطاقة، یعني انكماش.
في الصلاة نحن نسحب الطاقة من أجسامنا السبعة للجسم الأول وفي الصبر نحن نسحب الطاقة من الفكر إلی القلب،حتی تصل إلی صلة الأرحام.
إذاً لماذا إذا صبرنا هو خیر لنا؟ ولماذا یجب أن یكون الصبر (صبراً جمیلاً)؟
كلُّ من الفكر والقلب وصلة الأرحام علی صلة بنفس من أنفسنا بمعنی:
الفكر متصل بالنفس الأمّارة، یعني الفكر هو الذي یحكمنا ویتلوا علینا أفعالنا ویقول افعل كذا أو صدق أو لا تصدق أو تحرر أو اكفر أو أي عمل یمكن أن یكون مرتبط بالفكر ولهذا یقال عنه النفس الأمّارة لأنها لا تأمر الإنسان فحسب بل هي تحفزه وتجد الحلول والأدلة لإقناعك بما ترید. وبالتالي أنت تستجیب لرغباتها سواء إن كانت حسنة أم سیئة. الكثیر منا یطلق علیها صفة ویقول أنها النفس الأمّارة بالسوء، أكید لیست كلّ أعمالنا سوء ولیست كلها حسنة إذاً لا نطلق علیها صفة لأن صفتها هي الأمر فقط.
القلب متصل بالنفس اللوامة، وهذا هو الضمیر أو الوجدان الذي یتحدث عنه علماء النفس. كلنا خلقنا الله ونفخ فینا من روحه إذاً كلنا نحمل هذه النفحة الإلهیه إذاً كلنا نعرف الصح والغلط بالفطرة، إذاً نلوم أنفسنا علی ما فعلناه أكید إذا كبدت هذه النفس وأسكتها كلّ مرة ستصبح خرسى ولا تستطیع أن تظهر طاقتها وتنساها بمرور الوقت.
صلة الأرحام هي متصلة بالنفس المطمئنة، النفس المطمئنة هي النفس التي لا تعبد الله بل تعشقه، لا تخاف الله بل تظنه أهلا للعبادة، هي راضیة بقدر الله لأنها مؤمنة بأنه لا یوجد أي شيء غلط وكلّ شيء صح وجمیل انعكاساً لوجود الجمال الكوني....
تصوّر سیدة نساء العالمین (مریم العذراء) حین جاءتها الروح وقالت:
"قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقیا * قال بل أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكیا * قالت أنّا یكون لي غلام ولم یمسسني بشر ولم أك بغیا * قال كذلك قال ربك هو عليّ هیّن ولنجعله آیه للناس ورحمة منا وكان أمراً مقضیا * فحملته....." مریم 18-22
لنتأمل هذه الآیات لأنها تأخذنا من الفكر إلی صلة الأرحام، أي من النفس الأمّارة إلی النفس المطمئنة.
"أنّا یكون لي غلام....." هذه الكلمات أتت من الفكر لأنها خافت من الوضع الذي ستكون فیه.
"كذلك قال ربك هو عليّ هین...." هنا أحسّت الإیمان بقلبها وفي نفسها اللوامة التي لامتها وأسكتتها علی إیمانها الضعیف وجدلها مع الرسول، إذاً سكتت واستسلمت.
"فحملته" هنا وصلت إلی النفس المطمئنة ولهذا حملته بكلّ سلام ورضا، تسعة أشهر وهي صابرة علی ما قدّره الله ولم تسأل أحد ولا حتی الله ماذا تفعل؟!!!
سیدنا یعقوب حزن علی فراق یوسف جداً إلی أن أصبح ضریراً، هو كان صابراً ولكن هذا الصبر لم یكن جمیلاً لهذا أصبح ضریراً یعني هذه الطاقة بقیت في الفكر حتی أعمته،هذا حتی یغلق الفكر كلّ أبوابه وإذا غلق الفكر كلّ الأبواب أنت تدخل إلی نفسك وذاتك إذاً سیدنا یعقوب دخل إلی نفسه اللوامة وحین طلب أولاده أن یأخذوا أخاهم الآخر "قال صبر جمیل عسی أن.....". یعني في قرارة نفسه كان یعرف أن الله سیردهم جمیعاً وهنا كان في النفس المطمئنة ثم جاءه القمیص فأبصر، لأن الفكر لم یعد بحاجة لغلق أبوابه إذاً انفتح البصر والبصیرة.
هكذا الصبر الذي یجب أن تتحلی به وأنت علی هذا الطریق، الصبر الذي یصلك بصلة الأرحام وكلما تعرّفت علی نفسك أكثر كلما أحسست أنك فعلاً أشرف المخلوقات التي تستحق أن تكون خلیفة الله.
الدرس الثّاني والعشرون: مراحل الإيمان

بسم الله الرحمن الرحیم
"إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله یهدي من یشاء وهو أعلم بالمهتدین" قصص
"فلعلك باخع نفسك علی آثارهم إن لم یؤمنوا بهذا الحدیث أسفا" الكهف
"ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا یزالون مختلفین" هود 118
لماذا خاطب الله الرسول (ص) بهذا الشكل وهو أرسله للهدایة؟
لأن الله خلقنا أحرار ونحن حملنا الأمانة إذاً لا یستطیع أي أحد أن یجبرنا علی فعل أي شيء حتی وإن كان الإیمان بالله. أرسل الأنبیاء لتذكرنا فقط (إنما أنت مذّكر لست علیهم بمسیطر). حتی هو ینصح الرسول كي لا یحزن علیهم لأنهم لا یؤمنون لأنه إذا شاء یمكنه أن یجعل الناس كلهم مؤمنین ومن أمه واحدة ولكن سیجعل لهم شيء آخر یختلفون علیه، لماذا؟
هكذا أنت تصل للإیمان الحقیقي الإیمان الذي یملأ وجودك ولا تستطیع أن تعدل عنه بعد ذلك. تصور أنك تستطیع أن تعمل تنویم مغناطیسي للناس وتجعل منهم عباد وأتباع لك!!! أكید ستفرح لفترة ولكن أنت تعیش الخوف كلّ یوم، ماذا سیحصل إذا استیقظ أحدهم فجأة؟ لن یتبعك بعدها وسیوقظ الناس من حوله أیضاً....
إن الله یریدنا أن نؤمن به لا أن نتبعه، الإیمان شيء آخر؛ أول درجات الإیمان هو الحبّ ومن ثمّ العشق وبعدها التوحید والصمت.
كیف تشعر بالحبّ؟ كلنا أحسسنا بالحبّ في یوم من الأیام، نحبّ الوالدین ونحبّ الحبیب ونحبّ الأولاد ونحبّ الناس ومن هذا الحبّ یوجد (عشم) یعني أنا أحبك إذاً أنت أیضاً یجب أن تبادلني نفس الشعور أنا أحبك إذاً یجب أن تعطیني كذا وكذا... أنا أحبك إذاً.....!!! هذا یعني أن یكون الحبّ متبادل ومحسوب. أنا أحبّ الله إذاً سیعطیني الجنّة.... هذا یعني أننا صغرنا الله وجعلناه بحجم الأشیاء التي من حولنا حتی یستوعبه عقلنا لأن هذا الحبّ ناتج من الفكر.
أما في العشق فلا توجد أي مقارنة لأنه لا یوجد أي شيء، كلّ شيء أصغر منه. في العشق لا یوجد أي عشم، أنا أحبّه لأنه یستحق هذا الحبّ لأنه الله... كیف یمكنني أن لا أحبه وهو الوحید الموجود في هذا الوجود....
"فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسی إنّا لمدركون * قال كلا إنّ معي ربي سیهدیني" شعراء
قال موسی إن معي ربيّ سیهدني، لماذا ربي؟ من هو الربّ؟ الربّ هو الشخص الذي تتبعه.
مثل ربّ العمل أو ربّة المنزل هؤلاء ناس نحن نحبّهم ولنا انتظاراتنا الخاصه منهم. نحن نعمل وننتظر الراتب في آخر الشهر من رب ّالعمل؛ وننتظر الترتیب والتنظیم من ربّة المنزل؛ وفي كلتا الحالتین نحن نتبع قوانین وضعها ربّ العمل وربّة المنزل إذاً هي علاقة مبنیة علی تكافؤ.
بني اسرائیل مع كلّ المعجزات التي رأوها من موسی لم یؤمنوا بل اتبعوا موسی لأنهم لم یستطیعوا أن یستوعبوا الله إذاً كان یجب أن یخاطبهم بقدر عقولهم فقال ربّي... یعني نحن اتبعناه وهو سیهدینا... ولكن سیدنا محمد (ص) حین كان في الغار مع أبو بكر قال: لا تخف إن الله معنا... لم یقل ربّي لأنه كان علی درجة أعلی من الإیمان یعني العشق فقال: الله. یعني كیف تخاف والله معنا؟؟؟؟؟ معه كلّ الحق!!! إذا أحسست الله (لا الرب) بكلّ جوارحك ووجودك فستسقط باقي الأشیاء من تلقاء نفسها...
المرحلة الأخیرة من الإیمان لا یوجد لها اسم وأكثر العارفین حین وصلوا لهذه المرحلة لم یتكلموا وعاشوا في صمت.
في مرحلة الحبّ یوجد أنا وابني وأهلي وربّي والجنة والنار وكلّ شيء.
في مرحلة العشق یوجد عاشق والمعشوق.
في مرحلة التوحید لایوجد شيء إلا هو... یعني حتی العاشق لا یحسّ بوجوده لهذا لا یوجد اسم لأن العاشق لیس موجوداً حتی یضع لما یحسّه اسم أو صفة.... كلّ شيء هو....
"یوم لا ینفع مال ولا بنون * إلا من أتی الله بقلب سلیم" شعراء 88-89
الآیة الأولی تنفي الحبّ وتوجهنا نحو العشق، القلب السلیم هو القلب الخالي من كلّ شيء والمليء بالعشق.
هذا كان آخر درس في الشریعة وسندخل في الطریقة إن شاء الله.
الدرس الثالث والعشرون: العوالم وطاقاتها

في الدرس 13 شرحت القليل من العوالم وما هي طاقتها وقلت أن عالم الناسوت هو هذا العالم الذي نعيش فيه وطاقته التراب.
وعالم الملكوت هو البرزخ الأول حين تنتقل فيه أجسامنا وطاقته الهواء.
والجبروت هو البرزخ الثالث وطاقته الماء.
و قلنا أن هذه الطاقات تعطي حالات أو نوعية للعوالم يعني طاقة الهواء مع أنها قريبة من الأرض لكننا لا نستطيع أن نرى ما فيها من مخلوقات بالعين المجردة ولكن نستطيع أن نشعر بها ولهذا الكثير من الناس لم يصدقوا بها لأنهم بحاجة إلى دليل واثبات قاطع على وجودها (الفكر).
عالم الجبروت طاقته الماء وهذا يعني أننا نستطيع أن نرى المخلوقات الموجودة فيه وكل المخلوقات التي اتصلت بالأرض كانت من عالم الجبروت والسؤال هو: لماذا تتصل هذه المخلوقات بأمريكا فقط أو بالمناطق التي يتحدثون فيها باللغة الانجليزية؟
هذا بفضل الستلايت كل الشيفرة الموجودة على الستلايت هي باللغة الانجليزية وكذلك أول ستلايت انطلق من أمريكا وهم أخذوا هذه الشيفرة والموجة التي أتت منها واستطاعوا أن يفتحوا رموزها وهكذا اتصلوا بنا.
الإنسان يتصور أنه هو الذي اتصل بالعوالم والحقيقة أنهم هم الذين اتصلوا بنا لأن قدراتهم الجسمية والفكرية تساعدهم على ذلك.
السؤال المطروح هو: ماذا حصل بعد أن اتصلوا بنا؟ هل ساعدونا بشيء؟ هل استطعنا أن نحل مشاكلنا؟ لا يستطيع أحد غير الإنسان أن يساعد الأرض ومن عليها لأننا من طاقة واحدة وهكذا لا نستطيع أن نساعد أي كوكب آخر لأن طاقته تختلف عنا.
إذن لماذا كل هذا الانبهار؟ إذا رأيت لوحة جميلة ماذا تفعل؟ تركنا الأنبياء والمستنيرين والتهينا باللوحة... تركنا أنفسنا ونحاول التعرف على أشخاص من طاقة وحياة أخرى!
أين نحن من كل هذا؟ أين طاقاتنا وأنفسنا؟!
من مئة سنة حين بدأ العلم يزدهر وصار لكل شيء دليل علمي انبهر العالم بهذه الأشياء الجديدة وصار يبحث عن الأسباب والأدلة وتركنا الحكمة والآن وصلنا إلى بُعد آخر من العلم وهو التعرف على العوالم الأخرى وكل هذا هو علم لا ينفع.
إذا لم تتعرف على نفسك لن تستطيع أن تتعرف على الآخرين بالعكس ستحس بالضعف أكثر ولهذا ستركض من علم إلى علم وتجمع المعلومات ولا تعيش أي منها.
نحن هنا لنعيش لا نتعلم....
هَلْ تحسب الحسنات في الإسلام بالآلة الحاسبة؟

كل عام وأنتم بخير بمناسبة شهر رمضان المبارك
في هَذِهِ العجالة ساتناول هَذَا الشهر الفضيل من زاوية أخْرَى، فَهْوَ شهر غَيْر كل الشهور، ولَهُ قِيمَة معنوية عالية عند المسلمين، كَمَا انه يشكل مرحلة مُراجَعَة لحياة المسلم، وَفُرْصَة للتقرب إلى الله، ولصلة الرحم.
لَكِن.. كالعادَةِ، وَكَمَا ان بَعْض المسلمين يفرغون كل شَيء رائع من مضمونه، ماذا بقي لَنَا من رمضان؟
الشيء الأول الَّذِي أود ان أشير إليه إلى ان المسلمين بحاجة إلى إعادة نظر بطرق عبادتهم، فبعض هَذِهِ العبادات يَحْتاجُ إلى ترشيد، وإعادة توجيه، يَقُول لي أحد الأصدقاء العاملين في مراكز رعاية الأيتام ان المحسنين الَّذِينَ يرغبون بتفطير الأيتام حَيْثُ يتم عمل إفطار جماعي لمجموعة من الأيتام ما بَيْنَ مائتي إلى ثَلاثْمِائة مِنْهُم في رمضان يزداد إلى دَرَجَة ان الواسطات تبدأ بِالعَمَلِ، ونتمنى لَوْ يزداد عدد الأيتام، ليغطي احتياجات المحسنين، تخيل أنَ مركزنا وحده يتلقى أكثر من أربعمائة طَلَب لعمل إفطار للايتام، بَينَما المجموعات الَّتِي عندنا لا تغطي سوى ستين افطارا، ووحينما نتناقش مَع المحسنين ونطلب مِنْهُم توجيه أموالهم إلى أمور أخْرَى يرفضون، بحجة ان الإفطار فِيهِ أجر وثواب كَبِير.
هَلْ أصْبَحَ المسلمون يستعملون الآلة الحاسبة لحساب الحسنات؟ هَلْ من المعقول ان يجوع الأيتام طوال السنة، ويصابوا بالتخمة في رمضان؟ هَلْ يَجِبُ عَلَى المسلم ان يُمْسِكَ وَرَقَة وقلم ويختار – مِثْلَمَا يَفْعَل في المشاريع التجارية – أي الأعمال يُعْطيهِ حسنات أكثر؟
اعتقد ان في هَذَا قلة إيمان، وعقل في الوَقْت نفسه، فالله -سبحانه وتعالى- يتقبل الأعمال الخيرة مهما كانَت قليلة، فلماذا لا يوجه كل محسن من هَؤلاء رعايته للايتام طوال السنة، ثمَّ.. لنكن صرحاء: هَلْ الأيتام فَقَطْ هم من بحاجة إلى مُساعدَة؟ أراهن ان هُنَاكَ أطفالاً يعيشون في ظل آبائهم لَكِن اوضاعهم أصعب من الأيتام مائة مَرَّة.
هَذِهِ الإشارة الأولى الَّتِي أود ان أشير إليْهَا هُنا.. وكل عام وأنتم بخير.. وادعو الله ان يهدينا جَمِيعَاً لنتعامل مَع الدين بالعقل بَعِيداً عن البله الَّذِي يصيب بعضنا.