لا إله إلا الله...

لا إله إلا الله... هذا هو جوهر وأساس الصوفيّة وطُرقها، هذه هي البذرة التي نبتَت منها شجرة الصوفية.
عبارة بسيطة تشمل كل ما يوجد في الأديان:
هو الله ولا إله إلا هو
هذه الجملة تُوحّد الله مع الوجود، تجعل كلمة الإله، مرادفة لكلمة الوجود، الله كينونة كل ما هو كائن ومخلوق... وأنت كائن من المكوّن وأنت مخلوق من الخالق، كلنا من روح الله....
الله لا ينفصل عن خلقه، الخالق موجود في خَلقِه، ولا توجد أية ثنائية أو ازدواجية، ولا أي مسافة تفصل بينهما، لذلك كل ما تصادفه في حياتك هو الله.
الأشجار والأنهار والجبال، جميعها مظاهر لله وتجلّيات لوجوده.
أنت والناس الذين تحبهم، والناس الذين تكرههم، كلكم تجليات لله..
هذه الجملة الصغيرة تستطيع أن تغيّر حياتك. وتستطيع أن تغيّر نظرتك بكاملها إلى الحياة... تستطيع أن تغيّر العالم من الحرب إلى الحب... من الظلام إلى السلام.
في اللحظة التي يُدرك فيها المرء أن كل الأشياء شيء واحد، ينشأ الحب من تلقاء ذاته، والحب هو الصوفية.
الصوفية لا علاقة لها بالمعرفة. فكلّ اهتمامها ينصبّ على الحب، الحب والغرام والهيام وكيف تقع في حب الكلّية، كيف تتناغم مع المنظومة الكاملة للكون، كيف تصنع جسراً بين الخالق والمخلوق... كيف تذوب النقطة في المحيط... كيف تموت النفس في الروح...
إن ما يُدعى بـأديان العالم المنظَّـمة تُعلّم نوعاً من الازدواجية كأن الخالق مُنفصل عن الخَلق، الخالق أعلى من الخَلق، أن هناك عيباً ما في الخَلق، وأن علينا أن نتخلى عنه وننكره... كما قيل لي أنني وُلدت وخلقت في الخطيئة الأصيلة والعظيمة... أنني منذ الولادة وحتى الساعة لازلت بنظر هؤلاء المنظّرين بالدين خاطئاً والحساب على الباب... باب النار والعار والعذاب...
في الصوفية لا يوجد تخلّي، بل تجلّي.
لا يوجد أي شَجْب... بل كامل الحب.
وهذا ما نتذكّره معاً هنا... افرحوا وتهللوا.. الله محبة والمحبة هي الله...
طريقتي هي طريقة للتعرّف على الذات، لا نُكرانها. يقول جلال الدين الرومي:
إذا لم تتوحّد مع المعشوق... فالتمس ذلك!
و إذا كنتَ في انسجام معه...... فابتهج وتهللّ
وتذكّر أن الذّكر والذاكر والمذكور... هو الشكر والشاكر والمشكور
هذا اللقاء هو اجتماع صوفي...
أنتم صوفيو العهد الجديد، وأنا أشارككم هذه الحقيقة وهذه المحبة.
كلّنا معاً على طريق الرفيق الأعلى...
الصوفيون لديهم نوعان من الحب:
الأول يدعى العاطفة السطحية وتعني الحب العادي، الحب الفاتر المؤقت، الجزئي. والذي قد يوجد في لحظة ما، وقد يختفي في لحظة أخرى. ليس له أي عمق ولا مضمون.
قد تدعوه انفعالاً، لكنه ليس عاطفة عميقة.
ليس بشعلة تُحرقك من الداخل، ولا أنت تُولَع به، بل يبقى شيئاً تحت سيطرتك... وتعتقد أن هذا هو الحب النابع من القلب... لكنه مجرّد عاطفة من الفكر والجيب..
لن يستملكك، لن تفقد نفسك فيه، بل ستبقى أنت مسيطراً عليه.
النوع الثاني للحب، الحب الحقيقي، الحب الأصيل... وهو الذي يدعونه بـالعِشق، والذي يعني الحب الشديد.
الحب الذي يضيع المرء فيه... أي موت العاشق في المعشوق... كما تزول قطرة الندى في المحيط.
هذا هو الحب الذي يستولي على كامل حياتك، وتصبح مجنون هذا العشق